الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                  معلومات الكتاب

                  منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية

                  ابن تيمية - أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحراني

                  صفحة جزء
                  [ ص: 294 ] ( فصل )

                  قال الرافضي [1] : " العاشر : أنه لم يول [2] أبا بكر شيئا من الأعمال ، وولى عليه " [3] .

                  والجواب من وجوه : أحدها : أن هذا باطل . بل الولاية التي ولاها أبا بكر لم يشركه فيها أحد ، وهي ولاية الحج . وقد ولاه غير ذلك .

                  الثاني : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد ولى من هو بإجماع أهل السنة والشيعة من كان عنده دون أبي بكر ، مثل عمرو بن العاص ، والوليد بن عقبة ، وخالد بن الوليد ; فعلم أنه لم يترك ولايته لكونه ناقصا عن هؤلاء .

                  الثالث : أن عدم ولايته لا يدل على نقصه ، بل قد يترك ولايته لأنه عنده أنفع له منه في [4] تلك الولاية ، وحاجته إليه في المقام عنده وغنائه عن المسلمين أعظم من حاجته إليه في تلك الولاية ، فإنه هو وعمر كانا مثل الوزيرين له . يقول كثيرا : " دخلت أنا وأبو بكر وعمر " و " خرجت أنا وأبو بكر وعمر " ، وكان أبو بكر يسمر عنده عامة ليله .

                  [ ص: 295 ] وعمر لم يكن يولي أهل الشورى [5] ، كعثمان [6] ، وطلحة ، والزبير ، وغيرهم ، وهم عنده أفضل ممن ولاه مثل عمرو بن العاص ، ومعاوية ، وغيرهما ; لأن انتفاعه بهؤلاء في حضوره أكمل من انتفاعه بواحد منهم في ولاية يكفي فيها من دونهم .

                  وأبو بكر كان يدخل مع النبي - صلى الله عليه وسلم - ويليه عمر ، وقال لهما : " إذا اتفقتما على شيء لم أخالفكما " [7] . وإذا قدم عليه الوفد شاورهما ، فقد يشير هذا بشيء ، ويشير هذا بشيء ; ولذلك شاورهما في أسرى بدر ، وكان مشاورته لأبي بكر أغلب ، واجتماعه [8] به أكثر . هذا أمر يعلمه من تدبر الأحاديث الصحيحة التي يطول ذكرها .

                  التالي السابق


                  الخدمات العلمية