( فصل )
قال الرافضي [1] : " الثاني عشر : قول : إن عمر محمدا لم يمت ، وهذا يدل [2] على ، وأمر برجم حامل ، فنهاه قلة علمه ، فقال : لولا علي لهلك علي . وغير ذلك من الأحكام التي غلط فيها وتلون فيها " . عمر
[ ص: 301 ] والجواب أن يقال أولا : ثبت في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " فعمر " قد كان قبلكم في الأمم محدثون ، فإن يكن في أمتي أحد [3] ومثل هذا لم يقله . لعلي
وأنه قال : " " قالوا : فما أولته يا رسول الله ؟ قال : العلم عمر رأيت أني أتيت بقدح فيه لبن ، فشربت حتى أني لأرى الري يخرج من أظفاري ، ثم ناولت فضلي [4] .
كان أعلم الصحابة بعد فعمر . أبي بكر
وأما كونه ظن أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يمت ، فهذا كان ساعة ، ثم تبين له موته ، ومثل هذا يقع كثيرا قد يشك الإنسان في موت ميت ساعة وأكثر ، ثم يتبين له موته ، قد تبين له أمور بخلاف ما كان يعتقده فيها أضعاف ذلك ، بل ظن كثيرا من الأحكام على خلاف ما هي عليه ، ومات على ذلك ، ولم يقدح ذلك في إمامته كفتياه في المفوضة التي ماتت ولم يفرض لها ، وأمثال ذلك مما هو معروف عند أهل العلم . وعلي
وأما الحامل ، فإن كان [5] لم يعلم أنها حامل فهو من هذا الباب ، فإنه قد يكون أمر برجمها ولم يعلم أنها حامل ، فأخبره أنها حامل ، فقال : لولا أن علي أخبرني بها لرجمتها ، فقتلت الجنين ، فهذا هو الذي خاف منه . عليا
[ ص: 302 ] وإن قدر أنه ، فهذا مما قد يخفى ، فإن الشرع قد جاء في موضع بقتل الصبي والحامل تبعا كما إذا حوصر الكفار ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم حاصر كان يظن جواز رجم الحامل أهل الطائف ونصب عليهم المنجنيق ، وقد يقتل النساء والصبيان .
وفي الصحيح أنه " سئل عن أهل الدار من المشركين يبيتون فيصاب من نسائهم وصبيانهم ، فقال : " هم منهم [6] .
وقد ثبت عنه أنه نهى عن قتل النساء [7] والصبيان .
وقد اشتبه هذا على طائفة من أهل العلم ، فمنعوا من . البيات خوفا من قتل النساء والصبيان
فكذلك قد يشتبه على من ظن جواز ذلك ، ويقول : إن فلا يجوز تأخيره . الرجم حد واجب على الفور
لكن السنة فرقت بين ما يمكن تأخيره كالحد وبين ما يحتاج إليه كالبيات والحصار .
رضي الله عنه كان يراجعه آحاد الناس حتى في مسألة الصداق قالت امرأة له : أمنك نسمع أم من كتاب الله ؟ فقال : بل وعمر [8] من كتاب الله فقالت إن الله يقول : ( وآتيتم إحداهن قنطارا فلا تأخذوا منه شيئا ) [ ص: 303 ] [ سورة النساء : 20 ] فقال : امرأة أصابت ورجل أخطأ [9] .
وكذلك كان يرجع إلى وغيره وهو أعلم من هؤلاء كلهم . عثمان
وصاحب العلم العظيم إذا رجع إلى من هو دونه في بعض الأمور ، لم [10] يقدح هذا في كونه أعلم منه ، فقد تعلم موسى من الخضر ثلاث مسائل ، وتعلم سليمان من الهدهد خبر بلقيس .
وكان الصحابة فيهم من يشير على النبي صلى الله عليه وسلم في بعض الأمور [11] ، وكان أكثر الصحابة مراجعة للنبي صلى الله عليه وسلم ، عمر في مواضع : كالحجاب ، وأسارى ونزل القرآن بموافقته بدر ، واتخاذ مقام إبراهيم مصلى ، وقوله : ( عسى ربه إن طلقكن ) ، وغير ذلك .
وهذه الموافقة والمراجعة لم تكن لا [12] ولا لعثمان . لعلي
وفي : " الترمذي لو لم أبعث فيكم لبعث فيكم عمر " [13] ، " عمر " ولو كان بعدي نبي لكان [14] .