الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                              صفحة جزء
                              الحديث التاسع .

                              باب: حجر .

                              حدثنا أبو موسى، حدثنا عباد بن العوام، حدثنا ابن إسحاق، عن حسين بن عبد الله، عن عكرمة، عن ابن عباس: جاءت أم الفضل بابنتها فوضعتها في حجر رسول الله صلى الله عليه، فبالت، فقال: "أعطيني قدحا من ماء فصبه عليه"   .

                              حدثنا عبيد الله، حدثنا يحيى بن سعيد، عن الربيع بن مسلم، حدثنا يوسف بن سعد، قال ابن الزبير سمعت عائشة تقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه يقول: "لولا أن الناس حديث عهد بكفر لرددت البيت إلى أساسه، وتركت منه بابا في الحجر" .

                              حدثنا عبيد الله بن عمر، حدثنا زيد بن حباب، حدثني العلاء بن جرير، حدثني رجل من أهل الطائف، عن الحكم بن عمير قال رسول الله صلى الله عليه: "كيف بك يا عمر إذا وليت حجرا؟" قال: لقد لقيت إذا شحا .

                              [ ص: 229 ] حدثنا موسى، حدثنا حماد، عن هشام، عن أبيه، عن عائشة: "أن سعد بن معاذ، رمي في أكحله، فلما تحجر كلمه للبرء انفجر" .

                              حدثنا خالد بن خداش، حدثنا ابن وهيب، عن يونس، عن ابن شهاب، أخبرني عروة، عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه: "الولد للفراش، وللعاهر الحجر" حدثنا ابن نمير، عن ابن فضيل، عن الشيباني، عن الشعبي، عن فاطمة، عن النبي صلى الله عليه في حديث الجساسة قال: "تابعه أهل الحجر والمدر" .

                              حدثنا صالح الترمذي، حدثنا صفوان بن عيسى، حدثنا عبد الأعلى بن عبد الله: "كنت بالبقيع وعمر فجاء المطلب بن حنطب فذهبت أوسع له فجلس حجرة" .

                              [ ص: 230 ] حدثنا أبو بكر، حدثنا حفص، عن حجاج، عن عبد الملك بن مغيرة، عن ابن عباس، في الكبير: "إذا أنكر عقله حجر عليه" .

                              حدثنا الحسين بن عبد العزيز، حدثنا الحارث، بلغني أن الليث بن سعد، قال للعلاء بن كثير: " لو اتخذت حجرا يفتح لك قال: فكيف بمؤنتها؟ قال: أنا أكفيك قال: يا ليث لقد قلبتك ظهرا لبطن فوجدتك بني دنيا " قوله: فوضعتها في حجر النبي عليه السلام، هو معروف، ما فضل من قميص الجالس والحجر: الملك قال الله - تعالى - وربائبكم اللاتي في حجوركم .

                              أخبرنا الأثرم، عن أبي عبيدة: في حجوركم : "في بيوتكم" .

                              حدثنا هارون بن معروف، حدثنا بشر بن السري، حدثنا حبيب، عن عمرو .

                              [ ص: 231 ] سئل جابر بن زيد، عن ربيبة الرجل بنت امرأته التي، ليست في حجره، هل تحل لزوجها الذي دخل بها؟ قال: لا: أينما كانت، فهي على من تزوج أمها ودخل بها حرام ويقال: حجر وحجر قال:


                              أنا ابن رياح، قدني من أديمه ولم أحتمل في حجر سوداء ضمعج



                              قوله: "لتركت منه بابا في الحجر"، ما كان خارجا من الكعبة محاطا عليه فهو الحجر أخبرنا الأثرم، عن أبي عبيدة: الحجر: الحطيم وقول عمر: حجرا، يقول: منعني الله من ذلك قال .

                              [ ص: 232 ] الله - تعالى - وحرث حجر أي حرام ممنوع، هذا مجمع على تفسيره أنه حرام، وكسر قوم الحاء، فقرأ حجر، ورفع آخرون، فقالوا: (حجر)، وقرأ قوم: حرج، فالذين كسروا مجاهد، والأعرج، والأعمش، وعاصم، وحمزة، ونافع، وشيبة، وأبو جعفر، وعيسى بن عمر، والأشهب العقيلي، والذين رفعوا: أبان بن عثمان، وأبو رجاء، والحسن، وقتادة، وقرأ ابن عباس، وابن الزبير: (حرج) أخبرنا أبو عمر، عن الكسائي: (حجر) و (حجر) بكسر الحاء ورفعها، وحرج وحجر سواء أخبرنا الأثرم، عن أبي عبيدة: حجر: حرم حدثنا أبو موسى، عن عباس: سألت أبا عمرو، عن حجر قال: ممنوع، وسألته عن حجر، فقال: أعوذ بالله " حدثنا أبو موسى، عن عباس، سألت عيسى بن عمر فقال: "حجر لغة أهل الحجاز، وحجر لغة سفلى مضر"  وقال الله: يوم يرون الملائكة لا بشرى يومئذ للمجرمين ويقولون حجرا محجورا ، كان الرجل يلقى .

                              [ ص: 233 ] الرجل يخافه في الأشهر الحرم، فيقول: حجرا محجورا أي حراما محرما عليك حرمتي فلا يناله بشر فإذا كان يوم القيامة، ورأى المشركون الملائكة، فقالوا لهم ذلك وظنوا أنه ينفعهم ومعنى حجر: حرام، أجمعوا على تفسيره، واختلفوا في قراءته .

                              حدثنا أبو نعيم، عن موسى بن قيس، عن عطية، عن أبي سعيد، " حجرا محجورا : حراما محرما أن نبشركم بما نبشر به المتقين " وكذا قال مجاهد، والحسن، وعكرمة، والضحاك، وقتادة .

                              أخبرنا سلمة، عن الفراء، حجرا محجورا : "حراما محرما أن يكون لهم #البشرى" والحجر: الحرام كما يقال: حجر التاجر على غلامه، والرجل على أهله، أنشدني بعضهم:


                              فهممت أن ألقي إليها محجرا     ولمثلها يلقى إليه المحجر

                              .

                              أخبرنا الأثرم، عن أبي عبيدة: حجرا محجورا : حرما محرما قال:

                              [ ص: 234 ]

                              حنت إلى النخلة القصوى فقلت لها:     حجرا حراما ألا ثم الدهاريس



                              وقال آخر:


                              حتى دعونا بأرحام لهم سلفت     وقال قائلهم إني بحاجور



                              قوله: إن سعد بن معاذ تحجر جرحه تقول: تحجر الجرح للبرء: اجتمع وقرب بعضه من بعض وقوله في حديث الجساسة: أطاعه أهل الحجر: يريد أهل البوادي الذين يسكنون مواضع الحجارة، وأهل المدر: أهل الأمصار الذين يبنون بالمدر وقوله: "وللعاهر الحجر" أي ما لا ينفعه، وقال في حديث آخر: الأثلب .

                              حدثنا مسدد، حدثنا يحيى، عن حسين المعلم، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، عن النبي صلى الله عليه قال: "للعاهر الأثلب" والأثلب: التراب، ويقال: الحجارة والكثكث: دقاق التراب [ ص: 235 ] وقوله: فجلس حجرة ناحية، يقال: الحمل يأكل خضرة، ويربض حجرة، وقال الحارث بن حلزة:


                              عننا باطلا وظلما كما يعـ     ـتر عن حجرة الربيض الظباء



                              وقال، النابغة:


                              يسائل عن سعدى وقد مر بعدنا     على حجرات الدار سبع كوامل



                              وقوله في الكبير: يحجر عليه، أي يمنع من ماله، يقال حجرت عليه، وحجزت، وحظرت، وحظلت وقال الله - تعالى -: هل في ذلك قسم لذي حجر .

                              حدثنا شريح، حدثنا جرير، عن قابوس، عن أبيه، عن ابن عباس: لذي حجر قال: "النهى والعقل" وهو قول مجاهد، والحسن، وعكرمة، ومحمد بن كعب، والضحاك، وقتادة، وقال الحسن: " الحجر: الحلم " وقال أبو مالك: "البينة" .

                              أخبرنا الأثرم، عن أبي عبيدة: " لذي حجر : عقل وحجى " .

                              [ ص: 236 ] أخبرنا أبو عمر، عن الكسائي، " لذي حجر : لذي عقل، وما أشبهه أن يكون ذا ستر من نفسه وعقله " .

                              أخبرنا سلمة، عن الفراء، لذي حجر لذي حجى وعقل، وستر، كله يرجع إلى أمر واحد العرب تقول: إنه لذو حجر، إذا كان قاهرا لنفسه ضابطا لها من قوله: حجرت على الرجل " سمعت أبا نصر يقول: الحجر: الحرمة، والحق، وأنشدنا:


                              وجارة البيت لها حجري     ومحرمات هتكها بجري



                              بجري: يعني عظيما قال الخليل: يقال: الحجر: القرابة، وأنشد:


                              يريدون أن يقصوه عني وإنه     لذو نسب دان إلي وذو حجر



                              أخبرنا الأثرم، عن أبي عبيدة: الحجر: الأنثى من الخيل وسمعت أبا نصر: يقال: الحجر: موضع، وأنشدنا:

                              [ ص: 237 ]

                              حتى احتداه سنن الدبور     والظل في حجر من الحجور



                              حجر بحير أو أخي بحير وصف ثورا، فقال: احتداه: ساقه سنن الدبور: قصده وتتابعه، وبحير: رجل كان يتعاهد ذلك الموضع فنسبه إليه أخبرنا أبو نصر، عن الأصمعي: الحاجر: مكان يرتفع حواليه، ويستنقع فيه الماء قال أبو عمرو: المحاجر: الحدائق، واحدها محجر أخبرنا أبو نصر، عن الأصمعي: المحجر: فجوة العين، وما بدا من النقاب وقال ابن الأعرابي: المحجر: ما دار بالعين من أسفلها من العظم وروى عمرو، عن أبيه قال: الحاجر: المتخلف، قال فضالة بن هند:


                              يا ويح أم نمير بعد سيدها     إذا الفوارس تحمي حاجر الظعن



                              الظعن: النساء .

                              [ ص: 238 ] وقال أبو زيد: الحنجور: الحلقوم وأنشدنا أبو نصر:


                              حابي الحيود فارض الحنجور

                              حابي يقول: مشرف والحيود: كل عضلة شاخصة عن الجلد وفارض: ضخم والحنجور: الحنجرة .

                              [ ص: 239 ]

                              التالي السابق


                              الخدمات العلمية