حدثنا يحيى، حدثنا عبيد الله بن إياد، عن أبيه، عن البراء، قال رسول الله صلى الله عليه: "كيف تقولون برجل انفلتت منه راحلته بأرض قفر، ليس بها طعام ولا شراب، فطلبها حتى شقت عليه، ثم مرت بشجرة، فتعلق زمامها بالشجرة، فوجدها؟" فقلنا: شديد، فقال: "لله أشد فرحا بتوبة عبده من الرجل براحلته" .
حدثنا موسى بن إسماعيل، حدثنا حماد، عن داود، عن الشعبي، أن عدي بن حاتم، سأل النبي صلى الله عليه، فقال: أحدنا يرمي الصيد، فيقتفر أثره قوله: "بأرض قفر" أخبرني أبو نصر، عن الأصمعي " القفر: الأرض الفلاة التي لا ماء بها خالية، وأقفر من أهله إذا تفرد عنهم قال عبيد بن الأبرص:
[ ص: 370 ]
أقفر من أهله ملحوب فالقطبيات فالذنوب
وقال أيضا:
أقفر من أهله عبيد فاليوم لا يبدي ولا يعيد
وأقفر بدنه من اللحم، إذا قل عليه، وامرأة قفرة اللحم، عن أبي نصر، وأنشدنا:
أمر منها قصبا خدلجا لا قفرا غسا ولا مهيجا
أمر منها: فتل منها، قصبا: كل عظم ممخ وخدلج: حسن ممتلئ وقفر: لا لحم عليه والغس: الدقيق الصغير والمهيج: المورم أخبرنا أبو نصر الرجل القفر: الذي ينزل القفر وقال الخليل: رجل قفر الرأس: لا شعر عليه، وأنشدنا:
تفلي له الريح وإن لم يقمل لمة قفر كشعاع السنبل
[ ص: 371 ] قال إبراهيم: شعاع السنبل: أطرافه، وليس هذا حجة للخليل؛ لأنه وصف راعيا، فقال: تفلي له الريح: تطير لمته، والرجل رجل قفر: ينزل القفر، ولو كان كما قال الخليل: لا شعر عليه لم يكن له لمة لها شعاع، كشعاع السنبل: أطرافه والقفار: الطعام الذي لا أدم فيه يقال: ما أقفر بيت فيه خل، وقال أبو نصر: القفور: الكافور، وأنشدنا:
مثواة عطارين بالعطور أهضامها والمسك بالقفور
قوله: "مثواة عطارين"، وصف كناس الثور فقال: ريحه مما فيه من الشجر كريح العطر والأهضام: ضرب من البخور، وخفضه: رده على العطور، والقفور: الكافور قوله: "فيقتفر أثره" يقول: فيتبع أثره، قال ابن أحمر:
وإنما العيش بربانه وأنت من أفنانه مقتفر بربانه
يعني حينه ووقته، ومقتفر يقتفر الأثر: يتبعه .
[ ص: 372 ]


