الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح

ابن تيمية - أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحراني

صفحة جزء
[ ص: 406 ] قالوا : وقال أشعيا أيضا : إن غلاما ولد لنا ، وابنا أعطيناه ، الذي رياسته على عاتقيه وبين منكبيه ، ويدعى : اسمه ملكا ، عظيم المشية مسيرا عجيبا ، إلها قويا مسلطا رئيس السلامة في كل الدهور ، وسلطانه كامل ليس له فناء .

فيقال : ليس في هذه البشارة دلالة بينة أن المراد به المسيح عليه السلام ، ولو كان المراد به المسيح لم يدل على مطلوبهم ، بل قد يقال المراد بها محمد صلى الله عليه وسلم فإنه الذي رياسته على عاتقيه ، وبين منكبيه من جهتين :

من جهة خاتم النبوة على بعض كتفيه ، وهو علامة من أعلام النبوة الذي أخبرت به الأنبياء ، وعلامة ختمهم .

[ ص: 407 ] ومن جهة أنه بعث بالسيف الذي يتقلد به على عاتقه ويرفعه ، إذا ضرب به على عاتقه ، ويدل على ذلك قوله : ( مسلط رئيس قوي السلامة ) .

وهذه صفة محمد صلى الله عليه وسلم المؤيد المنصور المسلط رئيس السلامة ، فإن دينه الإسلام ، ومن اتبعه سلم من خزي الدنيا وعذاب الآخرة ، ومن استيلاء عدوه عليه .

والمسيح عليه السلام لم يسلط على أعدائه ، كما سلط محمد صلى الله عليه وسلم ، بل كان أعداؤه بحيث يقدرون على صلبه ، وعند النصارى قد صلبوه ، وعند المسلمين ألقى الله شبهه على غيره ، فصلب ذاك المشبه ، فبهذه الطريق دفع الله الصلب عنه لا بقهر أعدائه ، وإهلاكهم وذلهم له ، كما نصر الله محمدا صلى الله عليه وسلم على أعدائه .

وقال : ( في كل الدهور سلطانه كامل ليس له فناء ) ، وهذا صفة خاتم الرسل الذي لا يأتي بعده نبي ينسخ شرعه ، وسلطانه بالحجة واليد ، كامل لا يحتاج فيه إلى الاستعانة بشرع آخر ، وشرعه ثابت باق إلى آخر الدهر .

التالي السابق


الخدمات العلمية