[ ص: 454 ] قالوا : نذكر رابعا ، وقال في المزمور الثاني : ) . ( الذي قال لي : أنت ابني وأنا اليوم ولدتك
والجواب من وجوه :
أحدها : أن هذا ليس فيه تسمية صفات الله - علمه وحياته - ابنا ، ولا فيه ذكر الأقانيم الثلاثة ، فليس فيه حجة لشيء مما تدعونه .
والثاني : أن هذا حجة عليهم ، فإنه هو سمى داود ابنه ، فعلم أن اسم الابن ليس مختصا بالمسيح عليه السلام ، بل سمى غيره من عباده ابنا ، فعلم أن اسم الابن ليس اسما لصفاته ، بل هو اسم لمن رباه من عبيده .
[ ص: 455 ] وحينئذ فلا تكون تسمية المسيح ابنا لكون الرب أو صفته اتحدت به ، بل كما سمى داود ابنا ، وكما سمى إسرائيل ابنا فقال : ( أنت ابني بكري ) .
وهذا في كتبهم ، كما ذكر ، ( فإن كان ما في كتبهم قول الله فلا حجة فيه ، لأنه أراد المربى ، وإن لم يكن قول الله ورسله ) فلا حجة فيه ، لأن قول غير المعصوم ليس بحجة .
الثالث : أن قوله : ( وأنا اليوم ولدتك ) يدل على حدوث هذا الفعل ، وعندهم تولد الكلمة التي يسمونها الابن من الأب قديم أزلي ، كما قالوا في أمانتهم ( وبرب واحد يسوع المسيح ابن الله الوحيد ، المولود من الأب قبل كل الدهور نور من نور إله حق من إله حق من جوهر أبيه ، مولود غير مخلوق ، مساو الأب في الجوهر الذي به كان كل شيء ) .
فهذا الابن عندهم مولود من الأب قبل كل الدهور ، وذاك ولد [ ص: 456 ] في يوم خاطبه بعد خلق داود فلم يكن في هذا المحدث دليل على وجود ذلك القديم .
الوجه الرابع : أنه إذا كان الأب في لغتهم هو الرب الذي يربي عبده ، أعظم مما يربي الأب ابنه ، كان معنى لفظ الولادة مما يناسب معنى هذه الأبوة ، فيكون المعنى : اليوم جعلتك مرحوما مصطفى مختارا .
والنصارى قد يجعلون الخطاب الذي هو ضمير لغير المسيح ، يراد به المسيح ، فقد يقولون : المراد بهذا المسيح ، وهذا باطل لا يدل اللفظ عليه ، وبتقدير صحته ، فهو يدل على أن المسيح هو الناسوت المخلوق ، وهو المسمى بالابن ، لقوله ( وأنا اليوم ولدتك ) .
واللاهوت عندهم مولود من قبل الدهور ، وحينئذ فإن كان المراد به يوم ولادته ، فالمعنى خلقتك ، وإن كان يوم اصطفاه ، فالمراد اليوم اصطفيتك وأحببتك ، كأنه قال : اليوم جعلتك ولدا وابنا ، على لغتهم .