وإن قلتم : متى في الإنجيل : إن ابن الإنسان يرسل ملائكته ويجمعون كل الملوك فيلقونهم في أتون النار . جعلناه إلها من قول
[ ص: 513 ] قيل : هذا كالذي قبله ، ولم يرد أن المسيح هو رب الأرباب ولا أنه خالق الملائكة ، ومما يشهد لذلك وأن الضمير في الهاء من الملائكة راجع إلى الله لا إلى المسيح ، قول مرقس في إنجيله في هذا المحل في هذا المعنى : فابن الإنسان يفضحه إذا جاء في محرابه وملائكته المقدسين ، فافهم ذلك .
ويمكن أن يجعل الله المسيح سفيرا بينه وبين بعض ملائكة العذاب في جميع ملوك الكفر من المنتسبين لدينه من عرصات القيامة وإدخالهم النار .
والضمير في الملائكة عائد إلى الله لا إلى المسيح ، وإنما القوم جهلة بمقام الربوبية ومقام الملائكة ، واللسان العربي المترجم به عن لغتهم ومن يضلل الله فما له من هاد وحاش لله أن يطلق عليه أنه رب الملائكة بل هذا من أقبح الكذب والافتراء ، بل ورب الملائكة أوصاهم بحفظ المسيح وتأييده بشهادة النبي القائل عندهم : إن الله يوصي ملائكته بك ليحفظوك . ثم بشهادة لوقا : إن الله أرسل له ملكا من السماء ليقويه .
[ ص: 514 ] هذا الذي نطقت به الكتب ، فحرف الكذابون على الله وعلى مسيحه ذلك ، ونسبوا إلى الأنبياء أنهم قالوا : هو رب الملائكة .
وإذا شهد الإنجيل واتفق الأنبياء والرسل أن الله يوصي ملائكته بالمسيح ليحفظوه ، علم أن والمسيح عبيد الله منقادون لأمره ، ليسوا أربابا ولا آلهة . الملائكة
وقال المسيح لتلامذته : من قبلكم فقد قبلني ، ومن قبلني فقد قبل من أرسلني .
وقال المسيح لتلامذته أيضا : من أنكرني قدام الناس أنكرته قدام الملائكة .
وقال للذي يضرب عند رئيس الكهنة : اغمد سيفك . ولا تظن أني لا أستطيع أن أدعو الله الأب فيقيم لي أكثر من اثني عشر من الملائكة .
فهل يقول هذا من هو رب الملائكة وإلههم وخالقهم ؟