وإن أشعيا : تخرج عصا من بيت نبي ويخرج منها نور ويحل فيه روح القدس ، روح الله ، روح الكلمة والفهم ، روح الحيل والقوة ، روح الحلم وخوف الله وبه يؤمنون وعليه يتكلون ويكون لهم التاج والكرامة إلى دهر الداهرين . أوجبتم له الإلهية بما نقلتموه عن
[ ص: 515 ] قيل لكم : هذا الكلام بعد المطالبة بصحة نقله عن أشعيا ، وصحة الترجمة له باللسان العربي ، وأنه لم تحرفه التراجم ، هو حجة على المثلثة عباد الصليب لا لهم ، فإنه لا يدل على أن المسيح هو خالق السماوات والأرض ، بل يدل على مثل ما دل عليه القرآن ، وأن المسيح أيد بروح القدس ، فإنه قال : ويحل فيه روح الله ، روح الكلمة والفهم ، روح الحيل والقوة ، روح العلم وخوف الله . ولم يقل : تحل فيه حياة الله فضلا عن أن يحل الله فيه ويتحد به ، ويتخذ حجابا من ناسوته . وهذه الروح تكون مع الأنبياء والصديقين ، وعندهم في التوراة : إن الذين كانوا يعملون في قبة الزمان حلت فيهم روح الحكمة وروح الفهم والعلم وهي ما يحصل به الهدى والنصر والتأييد .
وقوله : روح الله لا تدل على أنها صفته ، فضلا أن يكون هو الله ، وجبريل يسمى روح الله والمسيح اسمه روح الله . ،
والمضاف إلى الله إذا كان ذاتا قائمة بنفسها فهو إضافة مملوك إلى مالك كبيت الله ، وناقة الله وروح الله ، ليس المراد به بيتا يسكنه ، ولا ناقة يركبها ، ولا روحا قائمة به ، وقد قال تعالى : أولئك كتب في قلوبهم الإيمان وأيدهم بروح منه ، وقال تعالى : وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا .
فهذه الروح أيد بها عباده المؤمنين .
وأما قوله : وبه يؤمنون وعليه يتوكلون فهو عائد إلى الله تعالى لا إلى العصا التي تنبت من بيت النبوة .
وقد جمع الله بين هذين الأصلين قل هو الرحمن آمنا به وعليه توكلنا [ ص: 516 ] وقال موسى ياقوم إن كنتم آمنتم بالله فعليه توكلوا إن كنتم مسلمين .
وهو كثير في القرآن ، وقد أخبر أنه أيده الله بروح العلم وخوف الله ، فجمع بين العلم والخشية وهما الأصلان اللذان جمع القرآن بينهما في قوله تعالى : إنما يخشى الله من عباده العلماء .
وفي قول النبي صلى الله عليه وسلم - : . أنا أعلمكم بالله وأشدكم له خشية
وهذا شأن العبد المحض . وأما الإله الحق رب العالمين فلا يلحقه خوف ولا خشية ولا يعبد غيره ، والمسيح كان قائما بأوراد العبادات لله أتم القيام .