الوكيل بشراء عبد بعينه إذا اشترى نصفه فالشراء موقوف إن اشترى باقيه قبل الخصومة لزم الموكل عند أصحابنا الثلاثة ; لأنه امتثل أمر الوكيل ، وعند زفر يلزم الوكيل ولو خاصم الموكل الوكيل إلى القاضي قبل أن يشتري الوكيل الباقي ، وألزم القاضي الوكيل ثم إن الوكيل اشترى الباقي بعد ذلك يلزم الوكيل إجماعا ; لأنه خالف .
وكذلك هذا في كل ما في تبعيضه ضرر وفي تشقيصه عيب ، كالعبد والأمة والدابة والثوب وما أشبه ذلك ، وهذا بخلاف ما إذا وكله ببيع عبده ، فباع نصفه أو جزءا منه معلوما أنه يجوز عند أبي حنيفة سواء باع الباقي منه أو لا ، والفرق له على نحو ما ذكرنا في التوكيل بالبيع مطلقا .
ولو أعتقه بعد ما اشترى نصفه قبل أن يشتري الباقي قال أبو يوسف : إن أعتقه الموكل جاز ، وإن أعتقه الوكيل لم يجز ، وقال محمد على القلب من ذلك .
( وجه ) قول محمد : أن الوكيل قد خالف فيما وكل به فلم يكن مشتريا للموكل فكيف ينفذ منه إعتاقه وهو في الظاهر مشتر لنفسه ، فينفذ إعتاقه .
ولأبي يوسف أن إعتاق الموكل صادف عقدا موقوفا نفاذه على إجازته ، فكان الإعتاق إجازة منه ، كما إذا صرح بالإجازة .
وإعتاق الوكيل لم يصادف عقدا موقوفا على إجازته ; لأن الوكيل بشراء شيء بعينه لا يملك الشراء لنفسه ، فلم يحتمل التوقف على إجازته ; فبطل .
وإن كان وكله بشراء شيء ليس في تبعيضه ضرر ولا في تشقيصه عيب فاشترى نصفه يلزم الموكل ، ولا يقف لزومه على شراء الباقي .
نحو إن وكله بشراء كر حنطة بمائة درهم ، فاشترى نصف الكر بخمسين ، وكذا لو وكله بشراء عبدين بألف درهم ، فاشترى أحدهما بخمسمائة ، لزم الموكل إجماعا .
وكذا لو وكله بشراء جماعة من العبيد ، فاشترى واحدا منها والله أعلم .
الوكيل بشراء عشرة أرطال لحم بدرهم إذا اشترى عشرين رطلا بدرهم من لحم يباع مثله عشرة أرطال بدرهم ، لزم الموكل منه عشرة أرطال بنصف درهم عند أبي حنيفة ومحمد وعند أبي يوسف يلزمه العشرون بدرهم ولو اشترى عشرة أرطال ونصف رطل بدرهم يلزم الموكل استحسانا .
( وجه ) قول أبي يوسف : أن هذا خلاف صورة لا معنى لأنه خلاف إلى خير ، وذا لا يمنع النفاذ على الموكل .
كما إذا اشترى عشرة أرطال ونصفا بدرهم أنه يلزم الموكل كذا هذا .
( وجه ) قولهما أن الوكيل يتصرف بحكم الآمر ، فلا يتعدى تصرفه موضع الأمر ، وقد أمره بشراء عشرة أرطال فلا يلزمه الزيادة على ذلك .
بخلاف ما إذا اشترى عشرة أرطال ونصف رطل بدرهم ; لأن الزيادة القليلة لا تتحقق زيادة [ ص: 31 ] لدخولها بين الوزنين .
ولو وكله بشراء عبد بمائة ، فاشترى بها عبدين كل واحد منهما يساوي مائة روي عن أبي حنيفة - رحمه الله - أنه لا يلزم الموكل واحد منهما .
وقال أبو حنيفة : إذا وكل رجلا بشراء عبدين بأعيانهما بألف درهم ، وقيمتهما سواء فاشترى أحدهما بستمائة درهم ، لا يلزم الموكل إلا أن يشتري الثاني ببقية الألف وقال أبو يوسف ومحمد : إذا كانت الزيادة مما يتغابن الناس في مثلها ، يلزمه وهذا لا يتحقق خلافا والله - عز وجل - أعلم .
والوكيل بشراء شيء بعينه لا يملك أن يشتريه لنفسه ، وإذا اشترى يقع الشراء للموكل ; لأن شراءه لنفسه عزل لنفسه عن الوكالة ، وهو لا يملك ذلك إلا بمحضر من الموكل ، كما لا يملك الموكل عزله إلا بمحضر منه على ما نذكره في موضعه إن شاء الله - تعالى - .


