( ومنها ) : أن يكون ، فإن كان لا تجوز عنانا ، كانت أو مفاوضة ; لأن المقصود من الشركة الربح وذلك بواسطة التصرف ، ولا يمكن في الدين ولا المال الغائب ، فلا يحصل المقصود وإنما يشترط الحضور عند الشراء لا عند العقد ; لأن عقد الشركة يتم بالشراء ، فيعتبر الحضور عنده حتى لو دفع إلى رجل ألف درهم ، فقال له : أخرج مثلها ، واشتر بهما ، وبع فما ربحت يكون بيننا ، فأقام المأمور البينة ، أنه فعل ذلك جاز وإن لم يكن المال حاضرا من الجانبين عند العقد لما كان حاضرا عند الشراء ، وهل يشترط خلط المالين ، وهو خلط الدراهم بالدنانير أو الدنانير بالدراهم ؟ قال أصحابنا الثلاثة : لا يشترط ، وقال رأس مال الشركة عينا حاضرا لا دينا ، ولا مالا غائبا : يشترط وبه أخذ زفر رحمه الله وعلى هذا الأصل : يبنى ما إذا كان المالان من جنسين ، بأن كان لأحدهما دراهم ، والآخر دنانير ، أن الشركة جائزة عندنا خلافا لهما ، وكذلك إذا كانا من جنس واحد ، لكن بصفتين مختلفتين كالصحاح مع المكسرة ، أو كانت دراهم أحدهما بيضاء ، والآخر سوداء وعلة ذلك في شركة العنان فهو على هذا الخلاف . الشافعي
وروي عن : أن الخلط شرط في المفاوضة ، لا في العنان ولكن زفر ذكر أنه شرط فيهما عند الطحاوي . زفر
( وجه ) قوله : أن الشركة تنبئ عن الاختلاط ، والاختلاط لا يتحقق مع تميز المالين ، فلا يتحقق معنى الشركة ، ولأن من أحكام الشركة أن الهلاك يكون من المالين ، وما هلك قبل الخلط من أحد المالين يهلك من مال صاحبه خاصة وهذا ليس من مقتضى الشركة .
( ولنا ) : أن الشركة تشتمل على الوكالة ، فما جاز التوكيل به ، جازت الشركة فيه والتوكيل جائز في المالين قبل الخلط كذا الشركة .
( وأما ) قوله : الشركة تنبئ عن الاختلاط فمسلم ، لكن على اختلاط رأسي المال ، أو على اختلاط الربح فهذا مما لا يتعرض له لفظ الشركة ، فيجوز أن يكون تسميته شركة لاختلاط الربح ، لا لاختلاط رأس المال ، واختلاط الربح يوجد وإن اشترى كل واحد منهما بمال نفسه على حدة ; لأن الزيادة وهي الربح تحدث على الشركة .
( وأما ) ما هلك من أحد المالين قبل الخلط : فإنما كان من نصيب صاحبه خاصة ; لأن الشركة لا تتم إلا بالشراء ، فما هلك قبله هلك قبل تمام الشركة ، فلا تعتبر ، حتى لو هلك بعد الشراء بأحدهما : كان الهالك من المالين جميعا ; لأنه هلك بعد تمام العقد .
( وأما ) تسليم رأس مال كل واحد منهما إلى صاحبه وهو التخلية بين ماله وبين صاحبه ، فليس بشرط في العنان ، والمفاوضة جميعا وأنه شرط لصحة المضاربة ، والفرق بينهما يذكر في كتاب المضاربة .