الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                وجملة الكلام في زوائد الرهن أنها على ضربين : زيادة غير متولدة من الأصل ، ولا في حكم المتولد منه ، كالكسب والهبة والصدقة ، وزيادة متولدة من الأصل ، كالولد والثمر واللبن والصوف ، أو في حكم المتولد من الأصل ، كالأرش والعقر ، ولا خلاف في أن الزيادة الأولى أنها ليست بمرهونة بنفسها ، ولا هي بدل المرهونة ولا جزء منه ولا بدل جزء منه ، فلا يثبت فيها حكم الرهن ، واختلف في الزيادة الثانية قال أصحابنا رحمهم الله : إنها مرهونة .

                                                                                                                                وقال الشافعي رحمه الله : ليست بمرهونة ; بناء على أن الحكم الأصلي للرهن عنده هو كون المرتهن أخص ببيع المرهون ، وأحق بثمنه من بين سائر الغرماء ، فقبل البيع لا حق له في الرهن حتى يسري إلى الولد ; فأشبه ولد الجارية إذا جنت ثم ولدت ، أن حكم الجناية لا يثبت في ولدها ; لما أن حكم جناية الأم هو وجوب الدفع إلى المجني عليه ، وأنه ليس بمعنى ثابت في الأم فلم يسر إلى الولد كذا هذا .

                                                                                                                                والدليل على أن الزيادة ليست مرهونة أنها ليست بمضمونة .

                                                                                                                                ولو كانت مرهونة ; لكانت مضمونة كالأصل ، وعندنا حق الحبس حكم أصلي للرهن أيضا وهذا الحق ثابت في الأم فيثبت في الولد تبعا للأم ، إلا أنها ليست بمضمونة ; لثبوت حكم الرهن فيها تبعا للأصل فكانت مرهونة تبعا لا أصلا ، كولد المبيع أنه مبيع على أصل أصحابنا رضي الله عنهم لكن تبعا لا أصلا ، فلا يكون له حصة من الثمن ; إلا إذا صار مقصودا بالقبض ، فكذا المرهون تبعا لا يكون له حصة من الضمان ; إلا إذا صار مقصودا بالفكاك ، وإذا كانت الزيادة مرهونة عندنا ، كانت محبوسة مع الأصل بكل الدين ، وليس للراهن أن يفتك أحدهما إلا بقضاء الدين كله ; لأن كل واحد منهما مرهون ، والمرهون محبوس كله بكل جزء من أجزاء الدين ; لما نذكره في موضعه إن شاء الله تعالى وينقسم الدين على الأصل ، والزيادة على تقدير بقائها إلى وقت الفكاك على قدر قيمتهما ، لكن تعتبر قيمة الأصل يوم العقد ، وقيمة الزيادة يوم الفكاك ونبين ذلك في موضعه وعلى هذا يخرج الزيادة على الرهن أنها لما كانت جائزة على أصل أصحابنا ، كان للمرتهن أن يحبسهما جميعا بالدين ، ولا سبيل للراهن على أحدهما ما لم يقبض جميع الدين ; لأن كل واحد منهما مرهون ، ويقسم الدين بينهما على قدر قيمتهما ، إلا أنه تعتبر قيمة الرهن الأصلي وقت العقد ، وقيمة الزيادة وقت الزيادة ، وأيهما هلك ; يهلك بحصته من الدين بخلاف زيادة الرهن والفرق بين الزيادتين يأتي في موضعه ، إن شاء الله تعالى .

                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                الخدمات العلمية