فأما الذي يرجع إلى نفسه فنوعان : أحدهما - لكن في شهادة مخصوصة وهي الشهادة القائمة على الزنا ، وجملة الكلام فيه أن الرجوع عن الشهادة بالزنا ، إما أن يكون من جميع الشهود وإما أن يكون من بعضهم دون بعض ، فإن رجعوا جميعا يحدون حد القذف ، سواء رجعوا بعد القضاء أو قبل القضاء ، أما قبل القضاء ; فلأن كلامهم قبل القضاء انعقد قذفا لا شهادة ، إلا أنه لا يقام الحد عليهم للحال لاحتمال أن يصير شهادة بقرينة القضاء ، فإذا رجعوا فقد زال الاحتمال فبقي قذفا فيوجب الحد بالنص . وجوب الحد
وأما بعد القضاء ; فلأن كلامهم وإن صار شهادة باتصال القضاء به فقد انقلب قذفا بالرجوع فصاروا بالرجوع قذفة فيحدون ، ولو رجعوا بعد القضاء والإمضاء ، فلا خلاف في أنهم يحدون إذا كان الحد جلدا ، وإن كان رجما فكذلك عند أصحابنا الثلاثة وقال - رحمه الله - لا حد عليهم ، وجه قوله أنهم لما رجعوا بعد الاستيفاء تبين أن كلامهم وقع قذفا من حين وجوده ، فصار كما لو قذفوا صريحا ، ثم مات المقذوف ، وحد القذف لا يورث بلا خلاف بين أصحابنا فيسقط . زفر
( ولنا ) أن بالرجوع لا يظهر أن كلامهم كان قذفا من حين وجوده ، وإنما يصير قذفا وقت الرجوع ، والمقذوف وقت الرجوع ميت فصار قذفا بعد الموت ، فيجب الحد هذا حكم الحد .