[ ص: 363 ] * ومنه حديث " فأنا أبي هريرة المحرر " أي المعتق . أبو هريرة
* وفي حديث أبي الدرداء شراركم الذين لا يعتق محررهم أي أنهم إذا أعتقوه استخدموه ، فإذا أراد فراقهم ادعوا رقه .
( س ) وفي حديث أنه قال ابن عمر لمعاوية : أراد بالمحررين الموالي ، وذلك أنهم قوم لا ديوان لهم ، وإنما يدخلون في جملة مواليهم ، والديوان إنما كان في حاجتي عطاء المحررين ، فإني رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا جاءه شيء لم يبدأ بأول منهم بني هاشم ، ثم الذين يلونهم في القرابة والسابقة والإيمان . وكان هؤلاء مؤخرين في الذكر ، فذكرهم وتشفع في تقديم أعطياتهم ، لما علم من ضعفهم وحاجتهم ، وتألفا لهم على الإسلام * ومنه حديث ابن عمر ، أبي بكر - رضي الله عنه - " أفمنكم عوف الذي يقال فيه : لا حر بوادي عوف ؟ قال لا " هو عوف بن محلم بن الشيباني ، كان يقال له ذلك لشرفه وعزه ، وأن من حل واديه من الناس كان له كالعبيد والخول . والحر : أحد الأحرار ، والأنثى حرة ، وجمعها حرائر .
* ومنه حديث عمر - رضي الله عنه - " قال للنساء اللاتي كن يخرجن إلى المسجد : لأردنكن حرائر " أي لألزمنكن البيوت فلا تخرجن إلى المسجد ; لأن الحجاب إنما ضرب على الحرائر دون الإماء .
( س ) وفي حديث الحجاج " أنه باع معتقا في حراره " الحرار بالفتح : مصدر ، من حر يحر إذا صار حرا . والاسم الحرية وفي قصيد كعب بن زهير :
قنواء في حرتيها للبصير بها عتق مبين وفي الخدين تسهيل
أراد بالحرتين : الأذنين ، كأنه نسبهما إلى الحرية وكرم الأصل ( ه ) وفي حديث علي أنه قال لفاطمة - رضي الله عنهما - : لو أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - فسألته خادما يقيك حر ما أنت فيه من العمل وفي رواية حار ما أنت فيه يعني التعب والمشقة [ ص: 364 ] من خدمة البيت ، لأن الحرارة مقرونة بهما ، كما أن البرد مقرون بالراحة والسكون . والحار : الشاق المتعب .* ومنه حديث الحسن بن علي - رضي الله عنهما - " قال لأبيه لما أمره بجلد : ول حارها من تولى قارها " أي ول الجلد من يلزم الوليد بن عقبة الوليد أمره ويعنيه شأنه . والقار ضد الحار .
( س ) ومنه حديث عيينة بن حصن " حتى أذيق نساءه من الحر مثل ما أذاق نسائي " يريد حرقة القلب من الوجع والغيظ والمشقة .
( س ) ومنه حديث أم المهاجر " لما نعي عمر قالت : واحراه ، فقال الغلام : حر انتشر فملأ البشر . " ( س ) وفيه الحرى : فعلى من الحر ، وهي تأنيث حران ، وهما للمبالغة ، يريد أنها لشدة حرها قد عطشت ويبست من العطش . والمعنى أن في سقي كل ذي كبد حرى أجرا . وقيل : أراد بالكبد الحرى حياة صاحبها ، لأنه إنما تكون كبده حرى إذا كان فيه حياة ، يعني في سقي كل ذي روح من الحيوان . ويشهد له ما جاء في الحديث الآخر في كل كبد حرى أجر في كل كبد حارة أجر ( س ) والحديث الآخر ما دخل جوفي ما يدخل جوف حران كبد وما جاء في حديث - رضي الله عنهما - " أنه نهى مضاربه أن يشتري بماله ذا كبد رطبة " ( س ) وفي حديث آخر ابن عباس وفي هذه الرواية ضعف . فأما معنى رطبة فقيل : إن الكبد إذا ظمئت ترطبت . وكذا إذا ألقيت على النار . وقيل كنى بالرطوبة عن الحياة ، فإن الميت يابس الكبد . وقيل وصفها بما يئول أمرها إليه . في كل كبد حرى رطبة أجر
( هـ ) وفي حديث عمر - رضي الله عنه - وجمع القرآن " إن القتل قد استحر يوم اليمامة بقراء القرآن أي اشتد وكثر ، وهو استفعل من الحر : الشدة .
* ومنه حديث علي - رضي الله عنه - " حمس الوغا واستحر الموت " .
( هـ ) وفي حديث صفين " إن معاوية زاد أصحابه في بعض أيام صفين خمسمائة خمسمائة ، [ ص: 365 ] فلما التقوا جعل أصحاب علي يقولون : لا خمس إلا جندل الإحرين " هكذا رواه الهروي . والذي ذكره الخطابي : أن حبة العرني قال : شهدنا مع علي يوم الجمل ، فقسم ما في العسكر بيننا ، فأصاب كل رجل منا خمسمائة . فقال بعضهم يوم صفين :
قلت لنفسي السوء لا تفرين لا خمس إلا جندل الإحرين
* وفي حديث جابر - رضي الله عنه - قد تكرر ذكر الحرة ويومها في الحديث ، وهو يوم مشهور في الإسلام أيام فكانت زيادة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - معي لا تفارقني حتى ذهبت مني يوم الحرة لما انتهب المدينة عسكره من يزيد بن معاوية ، أهل الشام الذين ندبهم لقتال أهل المدينة من الصحابة والتابعين ، وأمر عليهم مسلم بن عقبة المري في ذي الحجة سنة ثلاث وستين ، وعقيبها هلك يزيد . والحرة هذه : أرض بظاهر المدينة بها حجارة سود كثيرة ، وكانت الوقعة بها .
( س ) وفيه حر الوجه : ما أقبل عليك وبدا لك منه . وحر كل أرض ودار : وسطها وأطيبها . وحر البقل والفاكهة والطين جيدها . إن رجلا لطم وجه جارية ، فقال له : أعجز عليك إلا حر وجهها
[ هـ ] ومنه الحديث ما رأيت أشبه برسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الحسن ، إلا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان أحر حسنا منه يعني أرق منه رقة حسن .
( هـ ) وفي حديث عمر - رضي الله عنه - " ذري وأنا أحر لك " يقول ذري الدقيق لأتخذ لك منه حريرة . والحريرة : الحسا المطبوخ من الدقيق والدسم والماء وقد تكرر ذكر الحريرة في أحاديث الأطعمة والأدوية .
[ ص: 366 ] وفي حديث عائشة - رضي الله عنها - " وقد سئلت عن قضاء صلاة الحائض فقالت : أحرورية أنت " الحرورية : طائفة من الخوارج نسبوا إلى حروراء بالمد والقصر ، وهو موضع قريب من الكوفة ، كان أول مجتمعهم وتحكيمهم فيها ، وهم أحد الخوارج الذين قاتلهم علي كرم الله وجهه . وكان عندهم من التشدد في الدين ما هو معروف ، فلما رأت عائشة هذه المرأة تشدد في أمر الحيض شبهتها بالحرورية وتشددهم في أمرهم ، وكثرة مسائلهم وتعنتهم بها . وقيل أرادت أنها خالفت السنة وخرجت عن الجماعة كما خرجوا عن جماعة المسلمين . وقد تكرر ذكر الحرورية في الحديث .
( س ) وفي حديث أشراط الساعة يستحل الحر والحرير هكذا ذكره أبو موسى في حرف الحاء والراء ، وقال : الحر بتخفيف الراء : الفرج ، وأصله حرح بكسر الحاء وسكون الراء ، وجمعه أحراح . ومنهم من يشدد الراء وليس بجيد ، فعلى التخفيف يكون في حرح ، لا في حرر . والمشهور في رواية هذا الحديث على اختلاف طرقه بالخاء المعجمة والزاي ، وهو ضرب من ثياب الإبريسم معروف ، وكذا جاء في كتابي يستحلون الخز البخاري وأبي داود ، ولعله حديث آخر ذكره أبو موسى ، وهو حافظ عارف بما روى وشرح ، فلا يتهم . والله أعلم .