الميم من الحروف الشفوية ومن الحروف المجهورة ، وكان الخليل يسمي الميم مطبقة لأنه يطبق إذا لفظ بها .
ما : حرف نفي وتكون بمعنى الذي ، وتكون بمعنى الشرط ، وتكون عبارة عن جميع أنواع النكرة ، وتكون موضوعة موضع من ، وتكون بمعنى الاستفهام ، وتبدل من الألف الهاء فيقال : مه ، قال الراجز :
قد وردت من أمكنه من هاهنا ومن هنه إن لم أروها فمه
قال : يحتمل مه هنا وجهين : أحدهما أن تكون فمه زجرا منه أي : فاكفف عني ولست أهلا للعتاب ، أو فمه يا إنسان ، يخاطب نفسه ويزجرها ، وتكون للتعجب ، وتكون زائدة كافة وغير كافة ، والكافة قولهم : إنما ابن جني زيد منطلق ، وغير الكافة إنما زيدا منطلق ; تريد إن زيدا منطلق . وفي التنزيل العزيز : فبما نقضهم ميثاقهم ، و عما قليل ليصبحن نادمين ، و مما خطيئاتهم أغرقوا ، قال اللحياني : ما مؤنثة ، وإن ذكرت جاز ، أما قول أبي النجم :
الله نجاك بكفي مسلمت من بعدما وبعدما وبعدمت
صارت نفوس القوم عند الغلصمت وكادت الحرة أن تدعى أمت
من هاهنا ومن هنه
فلما صارت في التقدير وبعدمه أشبهت الهاء هاهنا هاء التأنيث في نحو مسلمة وطلحة ، وأصل تلك إنما هو التاء ; فشبه الهاء في وبعدمه بهاء التأنيث فوقف عليها بالتاء كما يقف على ما أصله التاء بالتاء في مسلمت والغلصمت ; فهذا قياسه ، كما قال أبو وجزة :
العاطفونت حين ما من عاطف والمفضلون يدا إذا ما أنعموا
وإنما يدافع عن أحسابهم أنا أو مثلي ; المعنى ما يدافع عن أحسابهم إلا أنا أو من هو مثلي ، والله أعلم . التهذيب : قال أهل العربية : ما إذا كانت اسما فهي لغير المميزين من الإنس والجن ، ومن تكون للمميزين ، ومن العرب من يستعمل ما في موضع من ، من ذلك قوله - عز وجل - : ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء إلا ما قد سلف ، التقدير : لا تنكحوا من نكح آباؤكم ، وكذلك قوله : فانكحوا ما طاب لكم من النساء [ ص: 6 ] ، معناه : من طاب لكم ، وروى سلمة عن الفراء : قال تكون ما اسما ، وتكون جحدا ، وتكون استفهاما ، وتكون شرطا ، وتكون تعجبا ، وتكون صلة ، وتكون مصدرا . وقال الكسائي محمد بن يزيد : وقد تأتي ما تمنع العامل عمله ، وهو كقولك : كأنما وجهك القمر ، وإنما زيد صديقنا . قال أبو منصور : ومنه قوله تعالى : ربما يود الذين كفروا ، رب وضعت للأسماء فلما أدخل فيها ما جعلت للفعل ، وقد توصل ما برب وربت فتكون صلة كقوله :
ماوي يا ربتما غارة شعواء كاللذعة بالميسم
إن يكن غث من رقاش حديث فبما يأكل الحديث السمينا
لا ينعش الطرف إلا ما تخونه داع يناديه ، باسم الماء ، مبغوم
إما تري رأسي تغير لونه شمطا ، فأصبح كالنغام المخلس