الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          ندل

                                                          ندل : الندل : نقل الشيء واحتجانه . الجوهري : الندل النقل والاختلاس . المحكم : ندل الشيء ندلا نقله من موضع إلى آخر ، وندل التمر من الجلة ، والخبز من السفرة يندله ندلا غرف منهما بكفه جمعاء كتلا ، وقيل : هو الغرف باليدين جميعا ، والرجل مندل ، بكسر الميم ، وقال يصف ركبا ويمدح قوم دارين بالجود :


                                                          يمرون بالدهنا خفافا عيابهم ويخرجن من دارين بجر الحقائب     على حين ألهى الناس جل أمورهم
                                                          فندلا زريق المال ندل الثعالب

                                                          يقول : اندلي يا زريق ، وهي قبيلة ، ندل الثعالب ; يريد السرعة ، والعرب تقول : أكسب من ثعلب ، قال ابن بري : وقيل في هذا الشاعر إنه يصف قوما لصوصا يأتون من دارين فيسرقون ويملئون حقائبهم ثم يفرغونها ويعودون إلى دارين ، وقيل : يصف تجارا ، وقوله على حين ألهى الناس جل أمورهم : يريد حين اشتغل الناس بالفتن والحروب ، والبجر : جمع أبجر وهو العظيم البطن ، والندل : التناول ، وبه فسر بعضهم قوله : فندلا زريق المال . ويقال : انتدلت المال وانتبلته أي احتملته . ابن الأعرابي : الندل خدم الدعوة ، قال الأزهري : سموا ندلا لأنهم ينقلون الطعام إلى من حضر الدعوة . وندلت الدلو إذا أخرجتها من البئر . والندل : شبه الوسخ . وندلت [ ص: 225 ] يده ندلا غمرت . والمنديل والمنديل نادر والمندل ; كله : الذي يتمسح به ، قيل : هو من الندل الذي هو الوسخ ، وقيل : إنما اشتقاقه من الندل الذي هو التناول ، قال الليث : الندل كأنه الوسخ من غير استعمال في العربية ، وقد تندل به وتمندل ، قال أبو عبيد : وأنكر الكسائي تمندل . وتندلت بالمنديل وتمندلت أي تمسحت به من أثر الوضوء أو الطهور ، قال : والمنديل ، على تقدير مفعيل ، اسم لما يمسح به ، قال : ويقال أيضا تمندلت . والمندل والمنقل : الخف ; عن ابن الأعرابي ، يجوز أن يكون من الندل الذي هو الوسخ لأنه يقي رجل لابسه الوسخ ، ويجوز أن يكون من الندل الذي هو التناول لأنه يتناول للبس ، قال ابن سيده : وقوله أنشده أبو زيد :


                                                          بتنا وبات سقيط الطل يضربنا     عند الندول ، قرانا نبح درواس

                                                          قال : يجوز أن يعني به امرأة فيكون فعولا من الندل الذي هو شبيه الوسخ ، وإنما سماها بذلك لوسخها ، وقد يجوز أن يكون عنى به رجلا ، وأن يكون عنى به الضبع ، وأن يكون عنى كلبة أو لبوءة ، أو أن يكون موضعا . والمنودل : الشيخ المضطرب من الكبر . ونودل الرجل : اضطرب من الكبر . ومندل : بلد بالهند . والمندلي من العود : أجوده نسب إلى مندل ; هذا البلد الهندي ، وقيل : المندل والمندلي عود الطيب الذي يتبخر به من غير أن يخص ببلد ، وأنشد الفراء للعجير السلولي :


                                                          إذا ما مشت نادى بما في ثيابها     ذكي الشذا ، والمندلي المطير

                                                          يعني العود . قال المبرد : المندل العود الرطب وهو المندلي ، قال الأزهري : هو عندي رباعي لأن الميم أصلية ; لا أدري أعربي هو أو معرب ، والمطير : الذي سطعت رائحته وتفرقت . والمندلي : عطر ينسب إلى المندل ، وهي من بلاد الهند ، قال ابن بري : الصواب أن يقول والمندلي عود ينسب إلى مندل لأن مندل اسم علم لموضع بالهند يجلب منه العود ، وكذلك قمار ، قال ابن هرمة :


                                                          كأن الركب ، إذ طرقتك     باتوا بمندل أو بقارعتي

                                                          قمار وقمار عوده دون عود مندل ، قال : وشاهده قول كثير يصف نارا :


                                                          إذا ما خبت من آخر الليل خبوة     أعيد إليها المندلي فتثقب

                                                          وقد يقع المندل على العود ، على إرادة ياءي النسب وحذفهما ضرورة ، فيقال : تبخرت بالمندل وهو يريد المندلي على حد قول رؤبة :


                                                          بل بلد ملء الفجاج قتمه     لا يشترى كتانه وجهرمه

                                                          يريد جهرميه ، قال : ويدلك على صحة ذلك دخول الألف واللام في المندل ، قال عمر بن أبي ربيعة :


                                                          لمن نار ، قبيل الصب     ح عند البيت ، ما تخبو ؟
                                                          إذا ما أوقدت يلقى     عليها المندل الرطب

                                                          ويروى : إذا ما أخمدت ، وقال كثير :


                                                          بأطيب من أردان عزة موهنا     وقد أوقدت بالمندل الرطب نارها

                                                          قال ابن بري : وحكى زبير أن مدنية قالت لكثير : فض الله فاك ! أنت القائل :


                                                          بأطيب من أردان عزة موهنا     وقد أوقدت بالمندل الرطب نارها

                                                          فقال : نعم ! قالت : أرأيت لو أن زنجية بخرت أردانها بمندل رطب أما كانت تطيب ؟ هلا قلت كما قال سيدكم امرؤ القيس :


                                                          ألم ترياني كلما جئت طارقا     وجدت بها طيبا ، وإن لم تطيب
                                                          ؟

                                                          والنيدلان والنيدلان : الكابوس ; عن الفارسي ، وقيل : هو مثل الكابوس ، وأنشد ثعلب :


                                                          تفرجة القلب قليل النيل     يلقى عليه النيدلان بالليل

                                                          وقال آخر :


                                                          أنج نجاء من غرير مكبول     يلقى عليه النيدلان والغول

                                                          والنئدلان : كالنيدلان ، قال ابن جني : همزته زائدة ، قال : حدثني بذلك أبو علي ، قال ابن بري : ومن هذا الفصل النأدل والنئدل الكابوس ، قال : والهمزة زائدة لقولهم النيدلان . أبو زيد في كتابه في النوادر : نودلت خصياه نودلة إذا استرختا ، يقال : جاء منودلا خصياه ، قال الراجز :


                                                          كأن خصييه ، إذا ما نودلا     أثفيتان تحملان مرجلا

                                                          الأصمعي : مشى الرجل منودلا إذا مشى مسترخيا ، وأنشد :


                                                          منودل الخصيين رخو المشرج

                                                          ابن بري : ويقال رجل نودل ، قال الشاعر :


                                                          فازت خليلة نودل بهبنقع     رخو العظام ، مثدن ، عبل الشوى

                                                          واندال بطن الإنسان والدابة إذا سال ، قال ابن بري : اندال وزنه انفعل ; فنونه زائدة وليست أصلية ، قال : فحقه أن يذكر في فصل دول ; وقد ذكر هناك . ويقال للسقاء إذا تمخض : هو يهوذل وينودل ; الأولى بالذال والثانية بالدال . والنودلان : الثديان . وابن مندلة : رجل من سادات العرب ، قال عمرو بن جوين فيما زعم السيرافي ، أو امرؤ القيس فيما حكى الفراء :


                                                          وآليت لا أعطي مليكا مقادتي     ولا سوقة ، حتى يئوب

                                                          ابن مندله ونودل : اسم رجل ، أنشد يعقوب في الألفاظ :

                                                          فازت خليلة نودل بمكدن رخص     العظام ، مثدن ، عبل الشوى

                                                          والله أعلم .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية