الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          نفق

                                                          نفق : نفق الفرس والدابة وسائر البهائم ينفق نفوقا : مات ، وقال ابن بري أنشد ثعلب :


                                                          فما أشياء نشريها بمال فإن نفقت فأكسد ما تكون



                                                          وفي حديث ابن عباس : والجزور نافقة أي ميتة من نفقت الدابة إذا ماتت ، وقال الشاعر :


                                                          نفق البغل وأودى سرجه     في سبيل الله سرجي وبغل



                                                          وأورده ابن بري : سرجي والبغل . ونفق البيع نفاقا : راج . ونفقت السلعة تنفق نفاقا ، بالفتح : غلت ورغب فيها ، وأنفقها هو ونفقها . وفي الحديث : المنفق سلعته بالحلف الكاذب ، المنفق بالتشديد : من النفاق وهو ضد الكساد ، ومنه الحديث : اليمين الكاذبة منفقة للسلعة ممحقة للبركة . أي مظنة لنفاقها وموضع له . وفي الحديث : عن ابن عباس : لا ينفق بعضكم بعضا أي لا يقصد أن ينفق سلعته على جهة النجش ، فإنه بزيادته فيها يرغب السامع فيكون قوله سببا لابتياعها ومنفقا لها . ونفق الدرهم ينفق نفاقا : كذلك ، وهذه عن اللحياني كأن الدرهم قل فرغب فيه . وأنفق القوم : نفقت سوقهم . ونفق ماله ودرهمه وطعامه نفقا ونفاقا ونفق ، كلاهما : نقص وقل ، وقيل فني وذهب . وأنفقوا : نفقت أموالهم . وأنفق الرجل إذا افتقر ، ومنه قوله تعالى : إذا لأمسكتم خشية الإنفاق أي خشية الفناء والنفاد ، وأنفق المال : صرفه . وفي التنزيل : وإذا قيل لهم أنفقوا مما رزقكم الله أي أنفقوا في سبيل الله وأطعموا وتصدقوا . واستنفقه : أذهبه . والنفقة : ما أنفق والجمع نفاق . حكى اللحياني : نفدت نفاق القوم ونفقاتهم بالكسر إذا نفدت وفنيت . والنفاق بالكسر : جمع النفقة من الدراهم ، ونفق الزاد ينفق نفقا أي نفد ، وقد أنفقت الدراهم من النفقة . ورجل منفاق أي كثير النفقة . والنفقة : ما أنفقت ، واستنفقت على العيال وعلى نفسك . التهذيب : الليث نفق السعر ينفق نفوقا إذا كثر مشتروه ، وأنفق الرجل إنفاقا إذا وجد نفاقا لمتاعه . وفي مثل من أمثالهم : من باع عرضه أنفق ، أي من شاتم الناس شتم ، ومعناه أنه يجد نفاقا بعرضه ينال منه ، ومنه قول كعب بن زهير :


                                                          أبيت ولا أهجو الصديق ومن يبع     بعرض أبيه في المعاشر ينفق



                                                          أي يجد نفاقا والباء مقحمة في قوله : بعرض أبيه . ونفقت الأيم تنفق نفاقا إذا كثر خطابها . وفي حديث عمر : من حظ المرء نفاق أيمه أي من سعادته أن تخطب نساؤه من بناته وأخواته ولا يكسدن كساد السلع التي لا تنفق . والنفق : السريع الانقطاع من كل شيء ، يقال : سير نفق أي منقطع ، قال لبيد :


                                                          شدا ومرفوعا يقرب مثله     للورد لا نفق ولا مسؤوم



                                                          أي عدو غير منقطع . وفرس نفق الجري إذا كان سريع انقطاع الجري ، قال علقمة بن عبدة يصف ظليما :


                                                          فلا تزيده في مشيه نفق ولا     الزفيف دوين الشد مسؤوم



                                                          والنفق : سرب في الأرض مشتق إلى موضع آخر ، وفي التهذيب : له مخلص إلى مكان آخر . وفي المثل : ضل دريص نفقه أي حجره . وفي التنزيل : فإن استطعت أن تبتغي نفقا في الأرض والجمع أنفاق ، واستعاره امرؤ القيس لجحرة الفئرة ، فقال يصف فرسا :


                                                          خفاهن من أنفاقهن كأنما     خفاهن ودق من عشي مجلب



                                                          والنفقة والنافقاء : جحر الضب واليربوع ، وقيل : النفقة والنافقاء موضع يرققه اليربوع من جحره ، فإذا أتي من قبل القاصعاء ضرب النافقاء برأسه فخرج . ونفق اليربوع وانتفق ونفق : خرج منه . وتنفقه الحارش وانتفقه : استخرجه من نافقائه ، واستعاره بعضهم للشيطان فقال :


                                                          إذا الشيطان قصع في قفاها     تنفقناه بالحبل التؤام



                                                          أي استخرجناه استخراج الضب من نافقائه : وأنفق الضب واليربوع إذا لم يرفق به حتى ينتفق ويذهب . ابن الأعرابي : قصعة اليربوع أن يحفر حفيرة ثم يسد بابها بترابها ، ويسمى ذلك التراب الداماء ثم يحفر حفرا آخر ، يقال له النافقاء والنفقة والنفق فلا ينفذها ، ولكنه يحفرها حتى ترق فإذا أخذ عليه بقاصعائه عدا إلى النافقاء فضربها برأسه ومرق منها ، وتراب النفقة يقال له : الراهطاء ؛ وأنشد :


                                                          وما أم الردين وإن أدلت بعالمة     بأخلاق الكرام إذا الشيطان قصع
                                                          في قفاها تنفقناه بالحبل التؤام



                                                          أي إذا سكن في قاصعاء قفاها تنفقناه أي استخرجناه كما يستخرج اليربوع من نافقائه . قال الأصمعي في القاصعاء : إنما قيل له ذلك لأن اليربوع يخرج تراب الجحر ثم يسد به فم الآخر ، من قولهم : قصع [ ص: 327 ] الكلم بالدم : إذا امتلأ به ، وقيل له الداماء ؛ لأنه يخرج تراب الجحر ويطلي به فم الآخر ، من قولك ادمم قدرك أي اطلها بالطحال والرماد . ويقال : نافق اليربوع : إذا دخل في نافقائه . وقصع : إذا خرج من القاصعاء . وتنفق : خرج ، قال ذو الرمة :


                                                          إذا أرادوا دسمه تنفقا



                                                          أبو عبيد : سمي المنافق منافقا للنفق وهو السرب في الأرض ، وقيل : إنما سمي منافقا لأنه نافق كاليربوع وهو دخوله نافقاءه . يقال : قد نفق به ونافق ، وله جحر آخر يقال له القاصعاء ، فإذا طلب قصع فخرج من القاصعاء ، فهو يدخل في النافقاء ويخرج من القاصعاء ، أو يدخل في القاصعاء ويخرج من النافقاء ، فيقال هكذا يفعل المنافق ، يدخل في الإسلام ثم يخرج منه من غير الوجه الذي دخل فيه . الجوهري : والنافقاء إحدى جحرة اليربوع يكتمها ويظهر غيرها وهو موضع يرققه ، فإذا أتي من قبل القاصعاء ضرب النافقاء برأسه فانتفق أي خرج ، والجمع النوافق . قال ابن بري : جحرة اليربوع سبعة : القاصعاء والنافقاء والداماء والراهطاء والعانقاء والحاثياء واللغز ، وهي اللغيزى أيضا . قال أبو زيد : هي النافقاء والنفقاء والنفقة والرهطاء والرهطة والقصعاء والقصعة ، وما جاء على فاعلاء أيضا : حاوياء وسافياء وسابياء ، والسموأل بن عادياء ، والخافياء : الجن ، والكارباء واللاوياء والجاسياء للصلابة والبالغاء للأكارع ، وبنو قابعاء للسب . والنفقة مثال الهمزة : النافقاء ، تقول منه : نفق اليربوع تنفيقا ونافق أي دخل في نافقائه ومنه اشتقاق المنافق في الدين . والنفاق بالكسر فعل المنافق . والنفاق : الدخول في الإسلام من وجه والخروج عنه من آخر ، مشتق من نافقاء اليربوع ، إسلامية ، وقد نافق منافقة ونفاقا ، وقد تكرر في الحديث ذكر النفاق وما تصرف منه اسما وفعلا ، وهو اسم إسلامي لم تعرفه العرب بالمعنى المخصوص به ، وهو الذي يستر كفره ويظهر إيمانه ، وإن كان أصله في اللغة معروفا . يقال : نافق ينافق منافقة ونفاقا وهو مأخوذ من النافقاء لا من النفق ، وهو السرب الذي يستتر فيه لستره كفره . في حديث حنظلة : نافق حنظلة . أراد أنه إذا كان عند النبي - صلى الله عليه وسلم - أخلص وزهد في الدنيا ، وإذا خرج عنه ترك ما كان عليه ورغب فيها ، فكأنه نوع من الظاهر والباطن ما كان يرضى أن يسامح به نفسه . وفي الحديث : أكثر منافقي هذه الأمة قراؤها ، أراد بالنفاق هاهنا الرياء لأن كليهما إظهار غير ما في الباطن ، وقول أبي وجزة :


                                                          يهدي قلائص خضعا يكنفنه     صعر الخدود نوافق الأوبار


                                                          أي نسلت أوبارها من السمن ، وفي نوادر الأعراب : أنفقت الإبل : إذا انتثرت أوبارها عن سمن . قالوا : ونفق الجرح : إذا تقشر ، ويقال : زيت إنفاق ؛ قال الراجز :


                                                          إذا سمعن صوت فحل شقشاق     قطعن مصفرا كزيت الإنفاق



                                                          والنافقة : نافقة المسك ، دخيل وهي فأرة المسك وهي وعاؤه . ومالك بن المنتفق الضبي أحد بني صباح بن طريف قاتل بسطام بن قيس . والنفيق : موضع . ونيفق القميص والسراويل : معروف ، وهو فارسي معرب ، وهو المنفق ، وقيل : النيفق دخيل ، نيفق السراويل . الجوهري : ونيفق السراويل الموضع المتسع منها ، والعامة تقول نيفق بكسر النون ، والمنتفق : اسم رجل .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية