نفس : النفس : الروح ، قال : وبينهما فرق ليس من غرض هذا الكتاب ، قال ابن سيده أبو إسحاق : النفس في كلام العرب يجري على ضربين : أحدهما قولك خرجت نفس فلان أي روحه ، وفي نفس فلان أن يفعل كذا وكذا أي في روعه ، والضرب الآخر معنى النفس فيه معنى جملة الشيء وحقيقته ، تقول : قتل فلان نفسه وأهلك نفسه أي أوقع الإهلاك بذاته كلها وحقيقته ، والجمع من كل ذلك أنفس ونفوس ، قال أبو خراش في معنى النفس الروح :
نجا سالم والنفس منه بشدقه [ ص: 320 ] ولم ينج إلا جفن سيف ومئزرا
قال : الشعر ابن بري لحذيفة بن أنس الهذلي وليس لأبي خراش كما زعم الجوهري ، وقوله نجا سالم ولم ينج كقولهم أفلت فلان ولم يفلت إذا لم تعد سلامته سلامة ، والمعنى فيه لم ينج سالم إلا بجفن سيفه ومئزره وانتصاب الجفن على الاستثناء المنقطع أي لم ينج سالم إلا جفن سيف ، وجفن السيف منقطع منه ، والنفس هاهنا الروح كما ذكر ، ومنه قولهم : فاظت نفسه ، وقال الشاعر :كادت النفس أن تفيظ عليه إذا ثوى حشو ريطة وبرود
تسيل على حد الظبات نفوسنا وليست على غير الظبات تسيل
يؤامر نفسيه وفي العيش فسحة أيسترجع الذؤبان أم لا يطورها
لم تدر ما لا ولست قائلها عمرك ما عشت آخر الأبد
ولم تؤامر نفسيك ممتريا فيها وفي أختها ولم تكد
فنفساي نفس قالت ائت ابن بحدل تجد فرجا من كل غمى تهابها
ونفس تقول اجهد نجاءك ولا تكن كخاضبة لم يغن عنها خضابها
نبئت أن بني سحيم أدخلوا أبياتهم تامور نفس المنذر
فلبئس ما كسب ابن عمرو رهطه شمر وكان بمسمع وبمنظر
ثلاثة أنفس وثلاث ذود لقد جار الزمان على عيالي
تعلل وهي ساغبة بنيها بأنفاس من الشبم القراح
وفي ، وفي الحديث : نهى عن التنفس في الإناء ، يعني في الشرب ، قال حديث آخر : أنه كان يتنفس في الإناء ثلاثا الأزهري : قال بعضهم : الحديثان صحيحان . والتنفس له معنيان : أحدهما أن يشرب وهو يتنفس في الإناء من غير أن يبينه عن فيه وهو مكروه ، والنفس الآخر أن يشرب الماء وغيره من الإناء بثلاثة أنفاس يبين فاه عن الإناء في كل نفس ، ويقال : شراب غير ذي نفس : إذا كان كريه الطعم آجنا ، إذا ذاقه ذائق لم يتنفس فيه ، وإنما هي الشربة الأولى قدر ما يمسك رمقه ثم لا يعود له ؛ وقال أبو وجزة السعدي :
وشربة من شراب غير ذي نفس في صرة من نجوم القيظ وهاج
: شراب ذو نفس أي فيه سعة وري ، قال ابن الأعرابي محمد بن المكرم : قوله : النفس : الجرعة ، وأكرع في الإناء نفسا أو نفسين ، أي جرعة أو جرعتين ولا تزد عليه ، فيه نظر وذلك أن النفس الواحد يجرع الإنسان فيه عدة جرع ، يزيد وينقص على مقدار طول نفس الشارب وقصره ، حتى إنا نرى الإنسان يشرب الإناء الكبير في نفس واحد على عدة جرع . ويقال : فلان شرب الإناء كله على نفس واحد ، والله أعلم . ويقال : اللهم نفس عني أي فرج عني ووسع علي ، ونفست عنه تنفيسا أي رفهت . يقال : نفس الله عنه كربته أي فرجها . وفي . معناه من فرج عن مؤمن كربة في الدنيا فرج الله عنه كربة من كرب يوم القيامة . ويقال : أنت في نفس من أمرك أي سعة ، واعمل وأنت في نفس من أمرك أي فسحة وسعة قبل الهرم والأمراض والحوادث والآفات . والنفس : مثل النسيم والجمع أنفاس . ودارك أنفس من داري أي أوسع . وهذا الثوب أنفس من هذا أي أعرض وأطول وأمثل . وهذا المكان أنفس من هذا أي أبعد وأوسع . وفي الحديث : من نفس عن مؤمن كربة نفس الله عنه كربة من كرب الآخرة أي أفسح وأبعد قليلا . ويقال : هذا المنزل أنفس المنزلين أي أبعدهما ، وهذا الثوب أنفس الثوبين أي أطولهما أو أمثلهما . ونفس عنك الله أي فرج ووسع . وفي الحديث : ثم يمشي أنفس منه أي أخر مطالبته . وفي حديث الحديث : من نفس عن غريمه عمار : لقد أبلغت وأوجزت فلو كنت تنفست أي أطلت ، وأصله أن المتكلم إذا تنفس استأنف القول وسهلت عليه الإطالة . وتنفست دجلة : إذا زاد ماؤها . وقال اللحياني : إن في الماء نفسا لي ولك أي متسعا وفضلا ، وقال : أي ريا ؛ وأنشد : ابن الأعرابي
وشربة من شراب غير ذي نفس في كوكب من نجوم القيظ وضاح
أي في وقت كوكب . وزدني نفسا في أجلي أي طول الأجل ؛ عن [ ص: 322 ] اللحياني . ويقال : بين الفريقين نفس أي متسع . ويقال : لك في هذا الأمر نفسة أي مهلة . وتنفس الصبح أي تبلج وامتد حتى يصير نهارا بينا . وتنفس النهار وغيره : امتد وطال . ويقال للنهار إذا زاد : تنفس ، وكذلك الموج إذا نضح الماء . وقال اللحياني : تنفس النهار : انتصف ، وتنفس أيضا : بعد ، وتنفس العمر منه إما تراخى وتباعد وإما اتسع ؛ أنشد ثعلب :
ومحسبة قد أخطأ الحق غيرها تنفس عنها جنبها فهي كالشوا
وقال الفراء في قوله تعالى : والصبح إذا تنفس قال : إذا ارتفع النهار حتى يصير نهارا بينا فهو تنفس الصبح . وقال مجاهد : ( إذا تنفس ) إذا طلع ، وقال الأخفش : إذا أضاء ، وقال غيره : إذا تنفس : إذا انشق الفجر وانفلق حتى يتبين منه . ويقال : كتبت كتابا نفسا أي طويلا ؛ وقول الشاعر :
عيني جودا عبرة أنفاسا
أي ساعة بعد ساعة . ونفس الساعة : آخر الزمان عن كراع . وشيء نفيس أي يتنافس فيه ويرغب . ونفس الشيء ، بالضم ، نفاسة ، فهو نفيس ونافس : رفع وصار مرغوبا فيه ، وكذلك رجل نافس ونفيس ، والجمع نفاس . وأنفس الشيء : صار نفيسا . وهذا أنفس مالي أي أحبه وأكرمه عندي . وقال اللحياني : النفيس والمنفس المال الذي له قدر وخطر ، ثم عم فقال : كل شيء له خطر وقدر فهو نفيس ومنفس ؛ قال النمر بن تولب :لا تجزعي إن منفسا أهلكته فإذا هلكت فعند ذلك فاجزعي
وقد أنفس المال إنفاسا ونفس نفوسا ونفاسة . ويقال : إن الذي ذكرت لمنفوس فيه أي مرغوب فيه . وأنفسني فيه ونفسني : رغبني فيه ، الأخيرة عن ؛ وأنشد : ابن الأعرابي
بأحسن منه يوم أصبح غاديا ونفسني فيه الحمام المعجل
أي رغبني فيه . وأمر منفوس فيه : مرغوب . ونفست عليه الشيء أنفسه نفاسة : إذا ضننت به ولم تحب أن يصل إليه . ونفس عليه بالشيء نفسا ، بتحريك الفاء ، ونفاسة ونفاسية ، الأخيرة نادرة : ضن . ومال نفيس : مضنون به . ونفس عليه بالشيء ، بالكسر : ضن به ولم يره يستأهله ، وكذلك نفسه عليه ونافسه فيه ؛ وأما قول الشاعر :
وإن قريشا مهلك من أطاعها تنافس دنيا قد أحم انصرامها
فإما أن يكون أراد تنافس في دنيا ، وإما أن يريد تنافس أهل دنيا . ونفست علي بخير قليل أي حسدت . وتنافسنا ذلك الأمر وتنافسنا فيه : تحاسدنا وتسابقنا . وفي التنزيل العزيز : وفي ذلك فليتنافس المتنافسون أي وفي ذلك فليتراغب المتراغبون . وفي حديث المغيرة : سقيم النفاس أي أسقمته المنافسة والمغالبة على الشيء . وفي حديث إسماعيل - عليه السلام - : أنه تعلم العربية وأنفسهم أي أعجبهم وصار عندهم نفيسا . ونافست في الشيء منافسة ونفاسا : إذا رغبت فيه على وجه المباراة في الكرم . وتنافسوا فيه أي رغبوا . وفي الحديث : أخشى ؛ هو من المنافسة ، الرغبة في الشيء والانفراد به ، وهو من الشيء النفيس الجيد في نوعه . ونفست بالشيء ، بالكسر ، أي بخلت . وفي حديث أن تبسط الدنيا عليكم كما بسطت على من كان قبلكم فتنافسوها كما تنافسوها علي كرم الله وجهه : لقد نلت صهر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فما نفسناه عليك . وحديث السقيفة : لم ننفس عليك أي لم نبخل . والنفاس : ولادة المرأة إذا وضعت فهي نفساء . والنفس : الدم . ونفست المرأة ونفست ، بالكسر ، نفسا ونفاسة ونفاسا وهي نفساء ونفساء ونفساء : ولدت . وقال ثعلب : النفساء الوالدة والحامل والحائض والجمع من كل ذلك نفساوات ونفاس ونفاس ونفس ؛ عن اللحياني ، ونفس ونفاس ، قال الجوهري : وليس في الكلام فعلاء يجمع على فعال غير نفساء وعشراء ، ويجمع أيضا على نفساوات وعشراوات وامرأتان نفساوان ، أبدلوا من همزة التأنيث واوا . وفي الحديث : أن نفست أسماء بنت عميس بمحمد بن أبي بكر أي وضعت ، ومنه الحديث : فلما تعلت من نفاسها أي خرجت من أيام ولادتها . وحكى ثعلب : نفست ولدا على فعل المفعول . وورث فلان هذا المال في بطن أمه قبل أن ينفس أي يولد . الجوهري : وقولهم ورث فلان هذا المال قبل أن ينفس فلان أي قبل أن يولد ؛ قال أوس بن حجر يصف محاربة قومه لبني عامر بن صعصعة :
وإنا وإخواننا عامرا على مثل ما بيننا نأتمر
لنا صرخة ثم إسكاتة كما طرقت بنفاس بكر
أي بولد . وقوله ( لنا صرخة ) أي اهتياجة يتبعها سكون كما يكون للنفساء إذا طرقت بولدها ، والتطريق أن يعسر خروج الولد فتصرخ لذلك ، ثم تسكن حركة المولود فتسكن هي أيضا ، وخص تطريق البكر لأن ولادة البكر أشد من ولادة الثيب . وقوله : على مثل ما بيننا نأتمر ، أي نمتثل ما تأمرنا به أنفسنا من الإيقاع بهم والفتك فيهم على ما بيننا وبينهم من قرابة ؛ وقول امرئ القيس :
ويعدو على المرء ما يأتمر
أي قد يعدو عليه امتثاله ما أمرته به نفسه ، وربما كان داعيه للهلاك . والمنفوس : المولود . وفي . وفي رواية : الحديث : ما من نفس منفوسة إلا وقد كتب مكانها من الجنة والنار أي مولودة . قال : يقال : نفست ونفست فأما الحيض فلا يقال فيه إلا نفست بالفتح . وفي حديث إلا كتب رزقها وأجلها ، منفوسة عمر - رضي الله عنه - أنه أجبر بني عم على منفوس ، أي ألزمهم إرضاعه وتربيته . وفي حديث : أنه صلى على منفوس ، أي طفل حين ولد ، والمراد أنه صلى عليه ولم يعمل ذنبا . وفي حديث أبي هريرة : لا يرث المنفوس حتى يستهل صارخا ، أي حتى يسمع له صوت . ابن المسيب : كنت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في الفراش فحضت فخرجت وشددت علي ثيابي ثم رجعت ، فقال : أنفست ؟ أم سلمة أراد أحضت ؟ يقال : نفست المرأة تنفس ، بالفتح : إذا حاضت . ويقال : لفلان منفس ونفيس أي مال كثير . يقال : ما سرني بهذا الأمر منفس ونفيس . وفي حديث وقالت عمر [ ص: 323 ] رضي الله عنه : كنا عنده فتنفس رجل أي خرج من تحته ريح ، شبه خروج الريح من الدبر بخروج النفس من الفم . وتنفست القوس : تصدعت ، ونفسها هو : صدعها ؛ عن كراع ، وإنما يتنفس منها العيدان التي لم تفلق وهو خير القسي ، وأما الفلقة فلا تنفس . : يقال نفس فلان قوسه : إذا حط وترها ، وتنفس القدح والقوس كذلك . قال ابن شميل : وأرى ابن سيده اللحياني : قال : إن النفس الشق في القوس والقدح وما أشبههما ، قال : ولست منه على ثقة . والنفس من الدباغ : قدر دبغة أو دبغتين مما يدبغ به الأديم من القرظ وغيره . يقال : هب لي نفسا من دباغ ؛ قال الشاعر :
أتجعل النفس التي تدير في جلد شاة ثم لا تسير
قال : بعثت امرأة من العرب بنية لها إلى جارتها فقالت : تقول لك أمي أعطيني نفسا أو نفسين أمعس بها منيئتي فإني أفدة ( أي مستعجلة ) لا أتفرغ لاتخاذ الدباغ من السرعة ، أرادت قدر دبغة أو دبغتين من القرظ الذي يدبغ به . المنيئة : المدبغة وهي الجلود التي تجعل في الدباغ ، وقيل : النفس من الدباغ ملء الكف ، والجمع أنفس ؛ أنشد الأصمعي ثعلب :
وذي أنفس شتى ثلاث رمت به على الماء إحدى اليعملات العرامس
يعني الوطب من اللبن الذي دبغ بهذا القدر من الدباغ . والنافس : الخامس من قداح الميسر ، قال اللحياني : وفيه خمسة فروض وله غنم خمسة أنصباء إن فاز ، وعليه غرم خمسة أنصباء إن لم يفز ، ويقال هو الرابع .