هجر : الهجر : ضد الوصل . هجره يهجره هجرا وهجرانا : صرمه ، وهما يهتجران ويتهاجران ، والاسم الهجرة . وفي الحديث : ; يريد به الهجر ضد الوصل ، يعني فيما يكون بين المسلمين من عتب وموجدة أو تقصير يقع في حقوق العشرة والصحبة دون ما كان من ذلك في جانب الدين ، فإن هجرة أهل الأهواء والبدع دائمة على مر الأوقات ما لم تظهر منهم التوبة والرجوع إلى الحق ، فإنه ، عليه الصلاة والسلام ، لما خاف على لا هجرة بعد ثلاث وأصحابه النفاق حين تخلفوا عن غزوة تبوك أمر بهجرانهم خمسين يوما ، وقد هجر نساءه شهرا ، وهجرت كعب بن مالك عائشة ابن الزبير مدة ، وهجر جماعة من الصحابة جماعة منهم وماتوا متهاجرين ; قال ابن الأثير : ولعل أحد الأمرين منسوخ بالآخر ، ومن ذلك ما جاء في الحديث : ومن الناس من لا يذكر الله إلا مهاجرا ; يريد هجران القلب وترك الإخلاص في الذكر فكأن قلبه مهاجر للسانه غير مواصل له ; ومنه حديث - رضي الله عنه - : أبي الدرداء ; يريد الترك له والإعراض عنه . يقال : هجرت الشيء هجرا إذا تركته وأغفلته ; قال ولا يسمعون القرآن إلا هجرا ابن الأثير : رواه ابن قتيبة في كتابه : ولا يسمعون القول إلا هجرا ، بالضم ، وقال : هو الخنا والقبيح من القول ، قال الخطابي : هذا غلط في الرواية والمعنى ، فإن الصحيح من الرواية : ولا يسمعون القرآن ، ومن رواه : القول ، فإنما أراد به القرآن ، فتوهم أنه أراد به قول الناس ، والقرآن العزيز مبرأ عن الخنا والقبيح من القول . وهجر فلان الشرك هجرا وهجرانا وهجرة حسنة ، حكاه عن اللحياني . والهجرة والهجرة : الخروج من أرض إلى أرض . والمهاجرون : الذين ذهبوا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - مشتق منه . وتهجر فلان أي تشبه بالمهاجرين . وقال - رضي الله عنه - : هاجروا ولا تهجروا ; قال عمر بن الخطاب أبو عبيد : يقول أخلصوا الهجرة ولا تشبهوا بالمهاجرين على غير صحة منكم ، فهذا هو التهجر ، وهو كقولك فلان يتحلم وليس بحليم ويتشجع أي أنه يظهر ذلك وليس فيه . قال الأزهري : وأصل المهاجرة عند العرب خروج البدوي من باديته إلى المدن ; يقال : هاجر الرجل إذا فعل ذلك ، وكذلك كل مخل بمسكنه منتقل إلى قوم آخرين بسكناه ، فقد هاجر قومه . وسمي المهاجرون مهاجرين لأنهم تركوا ديارهم ومساكنهم التي نشئوا بها لله ، ولحقوا بدار ليس لهم بها أهل ولا مال حين هاجروا إلى المدينة ; فكل من فارق بلده من بدوي أو حضري أو سكن بلدا آخر ، فهو مهاجر والاسم منه الهجرة . قال الله - عز وجل - : ومن يهاجر في سبيل الله يجد في الأرض مراغما كثيرا وسعة وكل من أقام من البوادي بمباديهم ومحاضرهم في القيظ ولم يلحقوا بالنبي - صلى الله عليه وسلم - ولم يتحولوا إلى أمصار المسلمين التي أحدثت في الإسلام وإن كانوا مسلمين ، فهم غير مهاجرين ، وليس لهم في الفيء نصيب ويسمون الأعراب . الجوهري : الهجرتان هجرة إلى الحبشة وهجرة إلى المدينة . والمهاجرة من أرض إلى أرض : ترك الأولى للثانية . قال ابن الأثير : الهجرة هجرتان : إحداهما التي وعد الله عليها الجنة في قوله تعالى : إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة ، فكان الرجل يأتي النبي - صلى الله عليه وسلم - ويدع أهله وماله ولا يرجع في شيء منه وينقطع بنفسه إلى مهاجره ، وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يكره أن يموت الرجل بالأرض التي هاجر منها ، فمن ثم قال : لكن البائس سعد بن خولة ، يرثي له أن مات بمكة ، وقال حين قدم مكة : اللهم لا تجعل منايانا بها ، فلما فتحت مكة صارت دار إسلام كالمدينة وانقطعت الهجرة ، والهجرة الثانية من هاجر من الأعراب وغزا مع المسلمين ولم يفعل كما فعل أصحاب الهجرة الأولى ، فهو مهاجر ، وليس بداخل في فضل من هاجر تلك الهجرة ، وهو المراد بقوله : لا تنقطع الهجرة حتى تنقطع التوبة ، فهذا وجه الجمع بين الحديثين ، وإذا أطلق ذكر الهجرتين فإنما يراد بهما هجرة الحبشة وهجرة المدينة . وفي الحديث : سيكون هجرة بعد هجرة ، فخيار أهل الأرض ألزمهم مهاجر إبراهيم ; المهاجر بفتح الجيم : موضع المهاجرة ، ويريد به الشام لأن إبراهيم - على نبينا وعليه الصلاة والسلام - ، لما خرج من أرض العراق مضى إلى الشام وأقام به . وفي الحديث : لا هجرة بعد الفتح ولكن جهاد ونية . وفي حديث آخر : لا تنقطع الهجرة حتى تنقطع التوبة . قال ابن الأثير : الهجرة في الأصل الاسم من الهجر ضد الوصل ، وقد هاجر مهاجرة ، والتهاجر التقاطع ، والهجر المهاجرة إلى القرى ; عن ثعلب ; وأنشد :
شمطاء جاءت من بلاد الحر قد تركت حيه وقالت حر ثم أمالت جانب الخمر
عمدا على جانبها الأيسر تحسب أنا قرب الهجر
كأني أصاديها على غبر مانع مقلصة قد أهجرتها فحولها
لما أتاهم بعد طول هجره يسعى غلام أهله ببشره ببشره
عركرك مهجر الضوبان أومه روض القذاف ربيعا أي تأويم
يعلى بأعلى السحق منها غشاش الهدهد القراقر
تباري بأجياد العقيق غدية على هاجرات حان منها نزولها
لما دنا من ذات حسن مهجر
والهجير : كالمهجر ; ومنه قول الأعرابية لمعاوية حين قال لها : هل من غداء ؟ فقالت : نعم ، خبز خمير ، ولبن هجير ، وماء نمير أي فائق فاضل . وجمل هجر وكبش هجر : حسن كريم . وهذا المكان أهجر من هذا أي أحسن ; حكاه ثعلب ; وأنشد :تبدلت دارا من ديارك أهجرا
قال : ولم نسمع له بفعل فعسى أن يكون من باب أحنك الشاتين وأحنك البعيرين . وهذا أهجر من هذا أي أكرم ، يقال في كل شيء ; وينشد : ابن سيدهوماء يمان دونه طلق هجر
يقول : طلق لا طلق مثله . والهاجر : الجيد الحسن من كل شيء . والهجر : القبيح من الكلام ، وقد أهجر في منطقه إهجارا وهجرا ; عن كراع واللحياني ، والصحيح أن الهجر ، بالضم ، الاسم من الإهجار ، وأن الإهجار المصدر . وأهجر به إهجارا : استهزأ به ، وقال فيه قولا قبيحا . وقال : هجرا وبجرا وهجرا وبجرا ، إذا فتح فهو مصدر ، وإذا ضم فهو اسم . وتكلم بالمهاجر أي بالهجر ، ورماه بهاجرات ومهجرات ، وفي التهذيب : بمهجرات أي فضائح . والهجر : الهذيان . والهجر ، بالضم : الاسم من الإهجار ، وهو الإفحاش ، وكذلك إذا أكثر الكلام فيما لا ينبغي . وهجر في نومه ومرضه يهجر هجرا وهجيرى وإهجيرى : هذى . وقال : الهجيرى كثرة الكلام والقول السيء . سيبويه الليث : الهجيرى اسم من هجر إذا هذى . وهجر المريض يهجر هجرا فهو هاجر ، وهجر به في النوم يهجر هجرا : حلم وهذى . وفي التنزيل العزيز : مستكبرين به سامرا تهجرون ; وتهجرون ; فتهجرون تقولون القبيح ، وتهجرون تهذون . الأزهري قال : الهاء في قوله - عز وجل - للبيت العتيق تقولون : نحن أهله ، وإذا كان الليل سمرتم وهجرتم النبي - صلى الله عليه وسلم - والقرآن ، فهذا من الهجر والرفض ، وقرأ - رضي الله عنهما - : تهجرون ، من أهجرت ، وهذا من الهجر وهو الفحش ، وكانوا يسبون النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا خلوا حول البيت ليلا ; قال ابن عباس الفراء : وإن قرئ تهجرون ، جعل من قولك : هجر الرجل في منامه إذا هذى ، أي أنكم تقولون فيه ما ليس فيه وما لا يضره فهو كالهذيان . وروي عن - رضي الله عنه - أنه كان يقول لبنيه : إذا طفتم بالبيت فلا تلغوا ولا تهجروا ، يروى ، بالضم والفتح ، من الهجر الفحش والتخليط ; قال أبي سعيد الخدري أبو عبيد : معناه ولا تهذوا ، وهو مثل كلام المحموم والمبرسم . يقال : هجر يهجر هجرا ، والكلام مهجور ، وقد هجر المريض . وروي عن إبراهيم أنه قال في قوله - عز وجل - : إن قومي اتخذوا هذا القرآن مهجورا ، قال : قالوا فيه غير الحق ، ألم تر إلى المريض إذا هجر قال غير الحق ؟ وعن مجاهد نحوه . وأما قول النبي - صلى الله عليه وسلم - : إني كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها ، ولا تقولوا هجرا ، فإن أبا عبيد ذكر عن الكسائي أنهما قالا : الهجر الإفحاش في المنطق والخنا ، وهو بالضم ، من الإهجار ، يقال منه : يهجر ; كما ; قال والأصمعي الشماخ :كماجدة الأعراق قال ابن ضرة عليها كلاما جار فيه وأهجرا
كأن ذراعيها ذراعا مدلة بعيد السباب حاولت أن تعذرا
وإنك يا عام بن فارس قرزل معيد على قيل الخنا والهواجر
إذا ما شئت نالك هاجراتي ولم أعمل بهن إليك ساقي
رمى فأخطأ والأقدار غالبة فانصعن والويل هجيراه والحرب
وبيداء مقفار يكاد ارتكاضها بآل الضحى والهجر بالطرف يمصح
بأطلاح ميس قد أضر بطرقها تهجر ركب واعتساف خروق
فدع ذا وسل الهم عنك بجسرة ذمول إذا صام النهار وهجرا
راح القطين بهجر بعدما ابتكروا
فقرن الهجر بالابتكار . والرواح عندهم : الذهاب والمضي . يقال : راح القوم أي خفوا ومروا أي وقت كان . وقوله - صلى الله عليه وسلم - : لو يعلم الناس ما في التهجير لاستبقوا إليه ، أراد التبكير إلى جميع الصلوات ، وهو المضي إليها في أول أوقاتها . قال الأزهري : وسائر العرب يقولون : هجر الرجل إذا خرج بالهاجرة ، وهي نصف النهار . ويقال : أتيته بالهجير وبالهجر ; وأنشد الأزهري عن في نوادره قال : قال ابن الأعرابي جعثنة بن جواس الربعي في ناقته :هل تذكرين قسمي ونذري أزمان أنت بعروض الجفر
إذ أنت مضرار جواد الحضر علي إن لم تنهضي بوقري
بأربعين قدرت بقدر بالخالدي لا بصاع حجر
وتصبحي أيانقا في سفر يهجرون بهجير الفجر
ثمت تمشي ليلهم فتسري يطوون أعراض الفجاج الغبر
طي أخي التجر برود التجر
يفري الفري بالهجير الواسع
وجمعه هجر ، وعم به فقال : الهجير الحوض ، وفي التهذيب : الحوض المبني ; قالت ابن الأعرابي خنساء تصف فرسا :فمال في الشد حثيثا كما مال هجير الرجل الأعسر
ولم يبق بالخلصاء مما عنت به من الرطب إلا يبسها وهجيرها
كأنما شد هجارا شاكلا
الليث : والهجار مخالف الشكال تشد به يد الفحل إلى إحدى رجليه ; واستشهد بقوله :كأنما شد هجارا شاكلا
قال الأزهري : وهذا الذي حكاه الليث في الهجار مقارب لما حكيته عن العرب سماعا وهو صحيح ، إلا أنه يهجر بالهجار الفحل وغيره . وقال أبو الهيثم : قال نصير : هجرت البكر إذا ربطت في ذراعه حبلا إلى حقوه وقصرته لئلا يقدر على العدو ; قال الأزهري : والذي سمعت من العرب في الهجار أن يؤخذ فحل ويسوى له عروتان في طرفيه وزران ثم تشد إحدى العروتين في رسغ رجل الفرس وتزر ، وكذلك العروة الأخرى في اليد وتزر ، قال : وسمعتهم يقولون : هجروا خيلكم . وقد هجر فلان فرسه . والمهجور : الفحل يشد رأسه إلى رجله . وعدد مهجر : كثير ; قال أبو نخيلة :هذاك إسحق وقبص مهجر
الأزهري في الرباعي : التمهجر التكبر مع الغنى ; وأنشد : ابن السكيتتمهجروا وأيما تمهجر وهم بنو العبد اللئيم العنصر
كعقر الهاجري إذا بناه بأشباه حذين على مثال
على كل . . . من ركوض لها هجارا تقاسي طائفا متعاديا
ما إن رأينا ملكا أغارا أكثر منه قرة وقارا
وفارسا يستلب الهجار
وغلمتي منهم سحير وبحر وآبق من جذب دلويها هجر
وربت غارة أوضعت فيها كسح الهاجري جريم تمر
إذا تركت شرب الرثيئة هاجر وهك الخلايا لم ترق عيونها