هدي : من أسماء الله تعالى سبحانه : الهادي ; قال ابن الأثير : هو الذي بصر عباده وعرفهم طريق معرفته حتى أقروا بربوبيته ، وهدى كل مخلوق إلى ما لا بد له منه في بقائه ودوام وجوده . : الهدى ضد الضلال ، وهو الرشاد ، والدلالة أنثى ، وقد حكي فيها التذكير ; وأنشد ابن سيده ابن بري ليزيد بن خذاق :
ولقد أضاء لك الطريق وأنهجت سبل المكارم والهدى تعدي
قال : قال ابن جني اللحياني الهدى مذكر ، قال : وقال بعض الكسائي بني أسد يؤنثه ، يقول : هذه هدى مستقيمة . قال أبو إسحاق : قوله - عز وجل - : قل إن هدى الله هو الهدى ; أي الصراط الذي دعا إليه ، هو طريق الحق . وقوله تعالى : إن علينا للهدى ، أي إن علينا أن نبين طريق الهدى من طريق الضلال . وقد هداه هدى وهديا وهداية وهدية وهداه للدين هدى وهداه يهديه في الدين هدى . وقال قتادة في قوله - عز وجل - : وأما ثمود فهديناهم ; أي بينا لهم طريق الهدى وطريق الضلالة فاستحبوا أي آثروا الضلالة على الهدى . الليث : لغة أهل الغور هديت لك في معنى بينت لك . وقوله تعالى : أولم يهد لهم ; قال : أولم يبين لهم . وفي الحديث : أنه قال أبو عمرو بن العلاء لعلي : ، وفي رواية : سل الله الهدى ; والمعنى إذا سألت الله الهدى فأخطر بقلبك هداية الطريق ، وسل الله الاستقامة فيه كما تتحراه في سلوك الطريق ; لأن سالك الفلاة يلزم الجادة ولا يفارقها خوفا من الضلال ، وكذلك الرامي إذا رمى شيئا سدد السهم نحوه ليصيبه ، فأخطر ذلك بقلبك ليكون ما تنويه من الدعاء على شاكلة ما تستعمله في الرمي . وقوله - عز وجل - : قل اللهم اهدني وسددني ، واذكر بالهدى هدايتك الطريق وبالسداد تسديدك السهم الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى ; معناه خلق كل شيء على الهيئة التي بها ينتفع ، والتي هي أصلح الخلق له ، ثم هداه لمعيشته ، وقيل : ثم هداه لموضع ما يكون منه الولد ، والأول أبين وأوضح ، وقد هدي فاهتدى . في قوله تعالى : الزجاج قل الله يهدي للحق ; يقال : هديت للحق وهديت إلى الحق بمعنى واحد ; لأن هديت يتعدى إلى المهديين ، والحق يتعدى بحرف جر ، المعنى : قل الله يهدي من يشاء للحق . وفي الحديث : ; المهدي الذي قد هداه الله إلى الحق ، وقد استعمل في الأسماء حتى صار كالأسماء الغالبة ، وبه سمي سنة الخلفاء الراشدين المهديين المهدي الذي بشر به النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه يجيء في آخر الزمان ، ويريد بالخلفاء المهديين : أبا بكر وعمر وعثمان وعليا - رضوان الله عليهم - وإن كان عاما في كل من سار سيرتهم ، وقد تهدى إلى الشيء واهتدى . وقوله تعالى : ويزيد الله الذين اهتدوا هدى ; قيل : [ ص: 42 ] بالناسخ والمنسوخ ، وقيل : بأن يجعل جزاءهم أن يزيدهم في يقينهم هدى كما أضل الفاسق بفسقه ، ووضع الهدى موضع الاهتداء . وقوله تعالى : وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدى ; قال : تاب من ذنبه وآمن بربه ثم اهتدى أي أقام على الإيمان ، وهدى واهتدى بمعنى . وقوله تعالى : الزجاج فإن الله لا يهدي من يضل ; قال الفراء : يريد لا يهتدي . وقوله تعالى : أمن لا يهدي إلا أن يهدى ، بالتقاء الساكنين فيمن قرأ به ، فإن قال : لا يخلو من أحد أمرين : إما أن تكون الهاء مسكنة ألبتة ، فتكون التاء من يهتدي مختلسة الحركة ، وإما أن تكون الدال مشددة فتكون الهاء مفتوحة بحركة التاء المنقولة إليها أو مكسورة لسكونها وسكون الدال الأولى ، قال ابن جني الفراء : معنى قوله تعالى : أمن لا يهدي إلا أن يهدى ; يقول : يعبدون ما لا يقدر أن ينتقل عن مكانه إلا أن ينقلوه ، قال : وقرئ ( أم من لا يهدي ) ، بإسكان الهاء والدال ، قال : وهي قراءة شاذة ، وهي مروية ، قال : وقرأ الزجاج أبو عمرو : أم من لا يهدي ، بفتح الهاء ، والأصل لا يهتدي . وقرأ عاصم : أم من لا يهدي ، بكسر الهاء ، بمعنى يهتدي أيضا ، ومن قرأ : أم من لا يهدي ، خفيفة ، فمعناه يهتدي أيضا . يقال : هديته فهدى أي اهتدى ; وقوله أنشده : ابن الأعرابيإن مضى الحول ولم آتكم بعناج تهتدي أحوى طمر
حتى استبنت الهدى والبيد هاجمة يخشعن في الآل غلفا أو يصلينا
قد وكلت بالهدى إنسان ساهمة كأنه من تمام الظمء مسمول
نبذ الجؤار وضل هدية روقه لما اختللت فؤاده بالمطرد
ويخبرني عن غائب المرء هديه كفى الهدي عما غيب المرء مخبرا
وما كنت في هدي علي غضاضة وما كنت في مخزاته أتقنع
جموم الشد شائلة الذنابى وهاديها كأن جذع سحوق
دفعت بكفي الليل عنه وقد بدت هوادي ظلام الليل فالظل غامره
وغداة صبحن الجفار عوابسا تهدي أوائلهن شعث شزب
إذا كان هادي الفتى في البلا د صدر القناة أطاع الأميرا
للفتى عقل يعيش به حيث تهدي ساقه قدمه
كأن دماء الهاديات بنحره عصارة حناء بشيب مرجل
أقول لها هدي ولا تذخري لحمي
وأهدى الهدية إهداء وهداها . والمهدى ، بالقصر وكسر الميم : الإناء الذي يهدى فيه مثل الطبق ونحوه ; قال :مهداك ألأم مهدى حين تنسبه فقيرة أو قبيح العضد مكسور
وإذا الخرد اغبررن من المح ل وصارت مهداؤهن عفيرا
برقم ووشي كما نمنمت بمشيتها المزدهاة الهدي
كذبتم وبيت الله لا تهتدونها
وقد هديت إليه ; قال زهير :فإن تكن النساء مخبآت فحق لكل محصنة هداء
ألا يا دار عبلة بالطوي كرجع الوشم في كف الهدي
كطريفة بن العبد كان هديهم ضربوا صميم قذاله بمهند
كرجع الوشم في كف الهدي
قال : ويجوز أن يكون سميت هديا لأنها تهدى إلى زوجها ، فهي هدي فعيل بمعنى مفعول . والهدي : ما أهدي إلى مكة من النعم . وفي التنزيل العزيز : حتى يبلغ الهدي محله ، وقرئ : ( حتى يبلغ الهدي محله ) ، بالتخفيف والتشديد ، الواحدة هدية وهدية ، قال : الذي قرأه بالتشديد ابن بري ، وشاهده قول الأعرج : الفرزدقحلفت برب مكة والمصلى وأعناق الهدي مقلدات
إني وأيديهم وكل هدية مما تثج له ترائب تثعب
متقلدا سيفا ورمحا
والتقلد بالسيف دون الرمح . وفلان هدي بني فلان وهديهم أي جارهم يحرم عليهم منه ما يحرم من الهدي ، وقيل : الهدي والهدي الرجل ذو الحرمة يأتي القوم يستجير بهم أو يأخذ منهم عهدا ، فهو ما لم يجر أو يأخذ العهد ، هدي ، فإذا أخذ العهد منهم فهو حينئذ جار لهم ; قال زهير :فلم أر معشرا أسروا هديا ولم أر جار بيت يستباء
هديكم خير أبا من أبيكم أبر وأوفى بالجوار وأحمد
هداء أخو وطب وصاحب علبة يرى المجد أن يلقى خلاء وأمرعا
وما هدى هدي مهزوم وما نكلا
يقول : لم يسرع إسراع المنهزم ، ولكن على سكون وهدي حسن .والتهادي : مشي النساء والإبل الثقال ، وهو مشي في تمايل وسكون . وجاء فلان يهادى بين اثنين إذا كان يمشي بينهما معتمدا عليهما من ضعفه وتمايله . وفي الحديث : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - ; خرج في مرضه الذي مات فيه يهادى بين رجلين أبو عبيد : معناه أنه كان يمشي بينهما يعتمد عليهما من ضعفه وتمايله ، وكذلك كل من فعل بأحد فهو يهاديه ; قال : ذو الرمة
يهادين جماء المرافق وعثة كليلة حجم الكعب ريا المخلخل
إذا ما تأتى تريد القيام تهادى كما قد رأيت البهيرا
فما فضلة من أذرعات هوت بها مذكرة عنس كهادية الضحل