ذكر نازوك وهارون بن غريب الحرب بين
وفيها وقعت الفتنة بين نازوك صاحب الشرطة ، وهارون بن غريب . وسبب ذلك أن ساسة دواب هارون بن غريب وساسة نازوك تغايروا على غلام أمرد ، وتضاربوا بالعصي ، فحبس نازوك ( ساسة دواب ) هارون ، بعد أن ضربهم ، فسار أصحاب هارون إلى محبس الشرطة ، ووثبوا على نائب نازوك به ، وانتزعوا أصحابهم من الحبس ، فركب نازوك ، وشكا إلى المقتدر ، فقال : كلاكما عزيز علي ، ولست أدخل بينكما ، فعاد وجمع رجاله ، وجمع هارون رجاله ، وزحف أصحاب نازوك إلى دار هارون ، فأغلق بابه ، وبقي بعض أصحابه خارج الدار ، فقتل منهم أصحاب نازوك ، وجرحوا ، ففتح هارون الباب ، وخرج أصحابه ، فوضعوا السلاح في أصحاب نازوك ، ( فقتلوا منهم ، وجرحوا ، واشتبكت الحرب بينهم ، فكف نازوك أصحابه .
وأرسل الخليفة إليهما ينكر عليهما ذلك ، فكفا ، وسكنت الفتنة ، واستوحش نازوك ) ، واستدل بذلك على تغير المقتدر ، ثم ركب إليه هارون وصالحه ، وخرج [ ص: 726 ] بأصحابه ، ونزل بالبستان النجمي ليبعد عن نازوك ، فأكثر الناس الأراجيف ، وقالوا : قد صار هارون أمير الأمراء ، فعظم ذلك على أصحاب مؤنس ، وكتبوا إليه بذلك ، وهو بالرقة ، فأسرع العود إلى بغداذ ، ( فنزل بالشماسية في أعلى بغداذ ) ، ولم يلق المقتدر ، فصعد إليه الأمير أبو العباس بن المقتدر ، ، فأبلغاه سلام والوزير ابن مقلة المقتدر واستيحاشه له ، وعاد فاستشعر كل واحد من المقتدر ومؤنس من صاحبه ، وأحضر المقتدر هارون بن غريب ، وهو ابن خاله ، فجعله معه في داره ، فلما علم مؤنس بذلك ازداد نفورا واستيحاشا ، وأقبل أبو الهيجاء بن حمدان من بلاد الجبل ، فنزل عند مؤنس ( ومعه عسكر كبير ، وصارت المراسلات بين الخليفة ومؤنس ) تتردد ، والأمراء يخرجون إلى مؤنس ، وانقضت السنة وهم على ذلك .