ذكر مؤنس وبليق وولده علي والنوبختي قتل
وفيها ، في شعبان ، قتل القاهر ، مؤنسا المظفر وبليقا ، وعلي بن بليق .
وكان سبب قتلهم أن أصحاب مؤنس شغبوا وثاروا ، وتبعهم سائر الجند ، وأحرقوا روشن دار الوزير أبي جعفر ، ونادوا بشعار مؤنس ، وقالوا : لا نرضى إلا بإطلاق مؤنس .
وكان القاهر قد ظفر بعلي بن بليق ، وأفرد كل واحد منهم في منزل ، فلما شغب الجند دخل القاهر إلى علي بن بليق ، فأمر به فذبح واحتز رأسه ، فوضعوه في طشت ، ثم مضى القاهر والطشت يحمل بين يديه حتى دخل على بليق فوضع الطشت بين يديه ، وفيه رأس ابنه ، فلما رآه بكى ، وأخذه يقبله ويترشفه ، فأمر به القاهر فذبح أيضا ، وجعل رأسه في طشت ، وحمل بين يدي القاهر ، ومضى حتى دخل على مؤنس فوضعهما بين يديه ، فلما رأى الرأسين تشهد ، واسترجع ، ولعن قاتلهما ، فقال القاهر : جروا برجل الكلب الملعون ! فجروه وذبحوه وجعلوا رأسه في طشت ، وأمر فطيف بالرءوس في جانبي بغداذ ، ونودي عليها : هذا جزاء من يخون الإمام ، ويسعى في فساد دولته ، ثم أعيدت ونظفت وجعلت في خزانة الرءوس ، كما جرت العادة .
[ ص: 787 ] وقيل إنه قتل بليقا وابنه مستخف ، ثم ظفر بابنه بعد ذلك ، فأمر به فضرب ، فأقبل ابن بليق على القاهر ، وسبه أقبح سب ، وأعظم شتم ، فأمر به القاهر فقتل ، وطيف برأسه في جانبي بغداذ ، ثم أرسل إلى ابن يعقوب النوبختي ، وهو في مجلس وزيره ، فأخذه وحبسه ، ورأى الناس من شدة محمد بن القاسم القاهر ما علموا معه أنهم لا يسلمون من يده ، وندم كل من أعانه من سبك ، والساجية ، والحجرية ، حيث لم ينفعهم الندم .