ذكر خروج  طغرلبك  إلى الري  وملك بلد الجبل   
في هذه السنة خرج  طغرلبك  من خراسان  إلى الري  بعد فراغه من خوارزم  ، وجرجان  ، وطبرستان  ، فلما سمع أخوه   إبراهيم ينال  بقدومه سار إليه فلقيه ، وتسلم   [ ص: 35 ] طغرلبك  الري  منه ، وتسلم غيرها من بلد الجبل  ، وسار  إبراهيم  إلى سجستان  ، وأخذ  طغرلبك  أيضا قلعة طبرك  من  مجد الدولة بن بويه  ، وأقام عنده مكرما ، وأمر  طغرلبك  بعمارة الري  ، وكانت قد خربت ، فوجد في دار الإمارة مراكب ذهب مجوهرة وبرنيتي صيني مملوءتين جوهرا ومالا كثيرا ، وغير ذلك . 
وكان  كامرو  يهادي  طغرلبك  وهو بخراسان  ويخدمه ، وخدم أخاه  إبراهيم  لما كان بالري  ، فلما حضر عنده أهدى له هدايا كثيرة من أنواع شتى ، وهو يظن أن  طغرلبك  يزيد في إقطاعه ، ويرعى له ما تقدم من خدمته له ، فخاب ظنه ، وقرر على ما بيده كل سنة سبعة وعشرين ألف دينار . 
ثم سار إلى قزوين  ، فامتنع عليه أهلها ، فزحف إليهم ورماهم بالسهام والحجارة ، فلم يقدروا أن يقفوا على السور ، وقتل من أهل البلد برشق ، وأخذ ثلاثمائة وخمسين رجلا ، فلما رأى  كامرو  ومرداويج بن بسو  ذلك خافوا أن يملك البلد عنوة وينهب ، فمنعوا الناس من القتال ، وأصلحوا الحال على ثمانين ألف دينار ، وصار صاحبها في طاعته . 
ثم إنه أرسل إلى  كوكتاش  وبوقا  وغيرهما من أمراء الغز  الذين تقدم خروجهم - يمنيهم ويدعوهم إلى الحضور في خدمته ، فلما وصل رسوله إليهم ساروا حتى نزلوا على نهر بنواحي زنجان  ، ثم أعادوا رسوله ، وقالوا له :  قل له قد علمنا أن غرضك أن تجمعنا لتقبض علينا ، والخوف منك أبعدنا عنك ، وقد نزلنا هاهنا ، فإن أردتنا قصدنا خراسا  أو الروم  ، ولا نجتمع بك أبدا . 
وأرسل  طغرلبك  إلى ملك الديلم  يدعوه إلى الطاعة ويطلب منه مالا ، ففعل ذلك ، وحمل إليه مالا وعروضا ، وأرسل أيضا إلى  سلار الطرم  يدعوه إلى خدمته ،   [ ص: 36 ] ويطالبه بحمل مائتي ألف دينار ، فاستقر الحال بينهما على الطاعة وشيء من المال .  وأرسل سرية إلى أصبهان  وبها  أبو منصور فرامرز بن علاء الدولة  ، فأغارت على أمالها وعادت سالمة . 
وخرج  طغرلبك  من الري  ، وأظهر قصد أصبهان  ، فراسله  فرامرز  وصانعه بمال ، فعاد عنه ، وسار إلى همذان  فملكها من صاحبها  كرشاسف بن علاء الدولة  ، وكان قد نزل إليه وهو بالري  بعد أن راسله  طغرلبك  غير مرة ، وسار معه من الري  إلى أبهروزنجان  ، فأخذ منه همذان  ، وتفرق أصحابه عنه ، وطلب منه  طغرلبك  تسليم قلعة كنكور  ، فأرسل إلى من بها بالتسليم ، فلم يفعلوا وقالوا لرسل  طغرلبك     :  قل لصاحبك والله لو قطعته قطعا ما سلمناها إليك .  فقال له  طغرلبك     :  ما امتنعوا إلا بأمرك ورأيك ، فاص إليهم وأقم معهم ، ولا تفارق موضعك حتى آذن لك . 
ثم عاد إلى الري  ، واستناب بهمذان  ناصرا العلوي  ، وكان  كرشاسف  قد قبض عليه ، فأخرجه  طغرلبك  وولاه الري  ، وأمره بمساعدة من يجعله في البلد ، وكان معه  مرداويج بن بسو  نائبه في جرجان  وطبرستان  ، فمات ، وقام ولده  جستان  مقامه ، فسار  طغرلبك  إلى جرجان  ، فعزل  جستان  عنها ، واستعمل على جرجان  أسفار  ، وهو من خواص  منوجهر بن قابوس  ، فلما فرغ أمر جرجان  وطبرستان  سار إلى دهستان  فحصرها ، وبها صاحبها  كاميار  معتصما بها لحصانتها .   
				
						
						
