ذكر وفاة  إبراهيم ملك غزنة   وملك ابنه  مسعود   
في هذه السنة توفي  الملك المؤيد إبراهيم بن مسعود بن محمود بن سبكتكين  ، صاحب غزنة  ، وكان عادلا ، كريما ، مجاهدا ، وقد ذكرنا من فتوحه ما وصل إلينا ، وكان عاقلا ، ذا رأي متين ، فمن آرائه أن   السلطان ملكشاه بن ألب أرسلان السلجوقي  جمع عساكره وسار يريد غزنة ، ونزل بأسفرار  ، فكتب  إبراهيم بن مسعود  كتابا إلى جماعة من أعيان أمراء  ملكشاه  يشكرهم ، ويعتد لهم بما فعلوا من تحسين قصد  ملكشاه  بلاده ليتم لنا ما استقر بيننا من الظفر به ، وتخليصهم من يده ، ويعدهم الإحسان على ذلك ، وأمر القاصد بالكتب أن يتعرض  لملكشاه  في الصيد ، ففعل ذلك ، فأخذ ، وأحضر عند السلطان ، فسأله عن حاله ، فأنكره ، فأمر السلطان بجلده ، فجلد ،   [ ص: 322 ] فدفع الكتب إليه بعد جهد ومشقة ، فلما وقف  ملكشاه  عليها تحيل من أمرائه وعاد ، ولم يقل لأحد من أمرائه في هذا الأمر شيئا خوفا أن يستوحشوا منه . 
وكان يكتب بخطه ، كل سنة ، مصحفا ، ويبعثه مع الصدقات إلى مكة  ، وكان يقول : لو كنت موضع  أبي مسعود  بعد وفاة جدي  محمود  ، لما انفصمت عرى مملكتنا ، ولكني الآن عاجز عن [ أن ] أسترد ما أخذوه ، واستولى عليه ملوك قد اتسعت مملكتهم ، وعظمت عساكرهم . 
ولما توفي ملك بعده ابنه  مسعود ، ولقبه جلال الدين  ، وكان قد زوجه أبوه بابنة   السلطان ملكشاه  ، وأخرج  نظام الملك  في هذا الإملاك والزفاف مائة ألف دينار . 
				
						
						
