ذكر قودن ويارقطاش على السلطان واستعمال حبشي على خراسان عصيان الأمير
في هذه السنة عصى يارقطاش وقودن على السلطان بركيارق .
وسبب ذلك أن الأمير قودن كان قد صار في جملة الأمير قماج ، فتوفي [ ص: 410 ] والسلطان بمرو ، فاستوحش قودن ، وأظهر المرض ، وتأخر بمرو بعد مسير السلطان إلى العراق ، وكان من جملة أمراء السلطان أمير اسمه إكنجي ، وقد ولاه السلطان خوارزم ، ولقبه خوارزمشاه ، فجمع عساكره وسار في عشرة آلاف فارس ليلحق السلطان ، فسبق العسكر إلى مرو في ثلاثمائة فارس ، وتشاغل بالشرب ، فاتفق قودن ، وأمير آخر اسمه يارقطاش على قتله ، فجمعا خمسمائة فارس وكبسوه وقتلوه ، وساروا إلى خوارزم ، وأظهروا أن السلطان قد استعملهما عليها فتسلماها .
وبلغ الخبر إلى السلطان ، فتم المسير إلى العراق ، لما بلغه من خروج الأمير أنر ومؤيد الملك عن طاعته ، وأعاد ( أمير داذ حبشي ) بن التونتاق في جيش إلى خراسان لقتالهما ، فسار إلى هراة ، وأقام ينتظر اجتماع العساكر معه ، فعاجلاه في خمسة عشر ألفا ، فعلم أمير داذ أنه لا طاقة له بهما ، فعبر جيحون ، فسار إليه ، وتقدم يارقطاش ليلحقه قودن ، فعاجله يارقطاش وحده ، وقاتله ، فانهزم يارقطاش وأخذ أسيرا .
وبلغ الخبر إلى قودن ، فثار به عسكره ، ونهبوا خزائنه وما معه ، فبقي في سبعة نفر ، فهرب إلى بخارى ، فقبض عليه صاحبها ، ثم أحسن إليه ، وبقي عنده ، وسار من هناك إلى الملك سنجر ببلخ ، فقبله أحسن قبول وبذل له قودن أن يكفيه أموره ، ويقوم بجمع العساكر على طاعته ، فقدر أنه مات عن قريب ، وأما يارقطاش فبقي أسيرا إلى أن قتل أمير داذ ، وكان من أمره ما نذكره إن شاء الله تعالى .