ذكر عميد الدولة من وزارة الخليفة ووفاته عزل
لما أطلق مؤيد الدولة ، وزير السلطان محمد ، الأعز أبا المحاسن ، وزير بركيارق ، وضمنه عمادة بغداذ ، أمر أن يخاطب الخليفة بعزل وزيره عميد الدولة بن جهير ، فسار من العسكر ، وسمع عميد الدولة الخبر ، فأمر أصبهبذ صباوة بن خمارتكين بالخروج إلى طريق الأعز وقتله .
وكان أصبهبذ قد حضر الحرب مع بركيارق ، ولما انهزم العسكر قصد بغداذ ، فخرج إلى طريق الأعز أبي المحاسن ، فلقيه قريبا من بعقوبا ، فأوقع بمن معه ، والتجأ الأعز إلى القرية واحتمى ، فلما رأى أصبهبذ صباوة ذلك أرسل إليه يقول له : إنك وزير السلطان بركيارق ، وأنا مملوكه ، فإن كنت على خدمته فاخرج إلينا حتى نسير إلى بغداذ ونقيم الخطبة للسلطان ، وأنت الصاحب الذي لا يخالف ، وإن لم تجب إلى هذا ، فما بيننا غير السيف . فأجابهالأعز إلى ذلك ، واجتمعا ، فعرفه صباوة الذي أمره به عميد الدولة من قتله ، وباتا تلك الليلة ، وأرسل الأعز إلى الأمير إيلغازي بن أرتق ، وكان قد [ ص: 438 ] ورد في صحبته ، وفارقه نحو الراذن ، فحضر في الليل ، فانقطع حينئذ أمل صباوة منه ، وفارقه .
وسار الأعز إلى بغداذ وخاطب في عزل عميد الدولة ، فعزل في رمضان ، وأخذ من ماله خمسة وعشرين ألف دينار ، وقبض عليه وعلى إخوته ، وبقي معزولا إلى سادس عشر شوال ، فتوفي محبوسا في دار الخلافة ، ومولده في محرم سنة خمس وثلاثين وأربعمائة ، وكان عاقلا ، كريما ، حليما ، إلا أنه كان عظيم الكبر ، يكاد يعد كلامه عدا ، وكان إذا كلم إنسانا كلمات يسيرة هنئ ذلك الرجل بكلامه .