ذكر الحرب بين عبادة  وخفاجة   
في هذه السنة كانت حرب شديدة بين عبادة  وخفاجة    . 
وسببها : أن رجلا من عبادة  أخذ منه جماعة خفاجة  جملين ، فجاء إليهم وطالبهم بهما ، فلم يعطوه شيئا ، فأخذ منهم غارة أحد عشر بعيرا ، فلحقته خفاجة  ، وقتلوا من أصحابه رجلا ، وقطعوا يد آخر ، وكان ذلك بالموقف من الحلة السيفية ، ففرق بينهم أهلها . 
فسمعت عبادة  الخبر ، فتواعدت ، وانحدرت إلى العراق  للأخذ بثأرها ، وساروا مع جماعة من أمرائهم ، فبلغت عدتهم سبعمائة فارس ، وكانت خفاجة  دون هذه العدة ، فراسلتهم خفاجة  يبذلون الدية ويصطلحون ، فلم تجبهم إلى ذلك عبادة  ، وأشار به   سيف الدولة صدقة  ، فلم تقبل عبادة  ، فالتقوا واقتتلوا بالقرب من الكوفة  ، ومع عبادة  الإبل والغنم بين البيوت ، فكمنت لهم خفاجة  ثلاثمائة فارس ، وقاتلوهم مطاردة من غير جد في القتال ، فداموا كذلك ثلاثة أيام ، ثم إنهم اشتد بينهم القتال ، واختلطوا ، حتى تركوا الرماح ، وتضاربوا بالسيوف . 
فبينما هم كذلك ، وقد أعيا الفريقان ، إذ طلع كمين خفاجة  ، وهم مستريحون ، فانهزمت عبادة  ، وانتصرت عليهم خفاجة  ، وقتل من وجوه عبادة   [ ص: 519 ] اثنا عشر رجلا ، ومن خفاجة  جماعة ، وغنمت خفاجة  الأموال من الخيل ، والأبل ، والغنم ، والعبيد ، والإماء . 
وكان  الأمير صدقة بن مزيد  قد أعان خفاجة  سرا ، فلما وصل المنهزمون إليه هنأهم  صدقة  بالسلامة ، فقال له بعضهم : مازلت أقاتل ، وأضارب ، ، أنا طامع في الظفر بهم ، حتى رأيت فرسك الشقراء تحت أحدهم ، فعلمت أنهم أجلبوا علينا بخيلك ورجلك ، وأننا لا طاقة لنا بهم ، فنصروا علينا بمعونتك ، وفلونا بحدك . فلم يجبه  صدقة     . 
				
						
						
