[ ص: 535 ] ذكر جاولي سقاووا إلى الموصل وأسر صاحبها جكرمش مسير
في هذه السنة ، في المحرم ، أقطع السلطان محمد جاولي سقاوو الموصل ، والأعمال التي بيد جكرمش ، وكان جاولي قبل هذا قد استولى على البلاد التي بين خوزستان وفارس ، وأقام بها سنين ، وعمر قلاعها وحصنها ، وأساء السيرة في أهلها ، وقطع أيديهم وجدع أنوفهم وسمل أعينهم .
فلما تمكن السلطان محمد من السلطنة خافه جاولي ، وأرسل السلطان إليه الأمير مودود بن ألتونتكين ، فتحصن منه جاولي ، وحصره مودود ثمانية أشهر ، فأرسل جاولي إلى السلطان : إنني لا أنزل إلى مودود ، فإن أرسلت غيره نزلت ، فأرسل إليه خاتمه مع أمير آخر ، فنزل جاولي ، وحضر الخدمة بأصبهان ، فرأى من السلطان ما يحب ، وأمره السلطان بالمسير إلى الفرنج ليأخذ البلاد منهم ، وأقطعه الموصل وديار بكر والجزيرة كلها .
وكان جكرمش لما عاد من عند السلطان إلى بلاده ، كما ذكرناه ، وعد من نفسه الخدمة ، وحمل المال ، فلما استقر ببلاده لم يف بما قال ، وتثاقل في الخدمة وحمل المال ، فأقطع بلاده لجاولي ، فجاء إلى بغداذ ، وأقام بها إلى أول ربيع الأول ، وسار إلى الموصل ، وجعل طريقه على البوازيج ، فملكها ونهبها أربعة أيام ، بعد أن أمن أهلها ، وحلف لهم أنه يحميهم ، فلما ملكها سار إلى إربل .
وأما جكرمش فلما بلغه مسيره إلى بلاده كتب في جميع العساكر ، فأتاه كتاب أبي الهيجاء بن موسك الكردي الهذباني ، صاحب إربل ، يذكر استيلاء جاولي على البوازيج ، ويقول له : إن لم تعجل المجيء لنجتمع عليه ونمنعه ، وإلا اضطررت إلى موافقته والمصير معه ، فبادر جكرمش وعبر إلى شرقي دجلة ، وسار إلى عسكر الموصل قبل اجتماع عساكره ، وأرسل إليه أبو الهيجاء عسكره مع أولاده ، فاجتمعوا بقرية باكلبا من أعمال إربل .
[ ص: 536 ] ووافاهم جاولي وهو في ألف فارس ، وكان جكرمش في ألفي فارس ، ولا يشك أنه يأخذ جاولي باليد ، فلما اصطفوا للحرب حمل جاولي من القلب على قلب جكرمش فانهزم من فيه ، وبقي جكرمش وحده لا يقدر على الهزيمة لفالج كان به ، فهو لا يقدر أن يركب ، وإنما يحمل في محفة ، فلما انهزم أصحابه قاتل عنه ركابي أسود قتالا عظيما ، فقتل ، وقاتل معه واحد من أولاد الملك قاروت بك بن داود ، اسمه أحمد ، فقاتل بين يديه ، فطعن فجرح وانهزم ، فمات بالموصل ، ولم يقدر أصحاب جاولي على الوصول إلى جكرمش ، حتى قتل الركابي الأسود فحينئذ أخذوه أسيرا وأحضروه عند جاولي ، فأمر بحفظه وحراسته .
وكانت عساكر جكرمش التي استدعاها ، قد وصلت إلى الموصل بعد مسيره بيومين ، فساروا جرائد ليدركوا الحرب ، فلقيهم المنهزمون ليقضي الله أمرا كان مفعولا .