ذكر بن صدقة إلى وزارة الخليفة قتل وزير السلطان وعود
في هذه السنة قبض السلطان محمود على وزيره شمس الملك عثمان بن نظام الملك وقتله .
وسبب ذلك : أنه لما أشار على السلطان بالعود عن حرب الكرج ، وخالفه ، وكانت الخيرة في مخالفته ، تغير عليه ، وذكره أعداؤه بالسوء ، ونبهوا على تهوره ، وقلة تحصيله ومعرفته بمصالح الدولة ، ففسد رأي السلطان فيه .
ثم إن الشهاب أبا المحاسن ، وزير السلطان سنجر ، كان قد توفي ، وهو ابن أخي نظام الملك ، ووزر بعده أبو طاهر القمي ، وهو عدو للبيت النظامي ، فسعى مع السلطان سنجر ، حتى أرسل إلى السلطان محمود يأمره بالقبض على وزيره شمس الملك ، فصادف وصول الرسول وهو متغير عليه ، فقبض عليه وسلمه إلى طغايرك ، فبعثه إلى خلخال ، فحبسه فيها .
ثم إن أبا نصر المستوفي ، الملقب بالعزيز ، قال للسلطان محمود : لا نأمن أن يرسل السلطان سنجر يطلب الوزير ، ومتى اتصل به لا نأمن شرا يحدث منه .
وكان بينهما عداوة ، فأمر السلطان بقتله ، فلما دخل عليه السياف ليقتله قال : أمهلني حتى [ ص: 689 ] أصلي ركعتين ، ففعل ، فلما صلى جعل يرتعد ، وقال للسياف : سيفي أجود من سيفك ، فاقتلني به ولا تعذبني ، فقتل ثاني جمادى الآخرة .
فلما سمع الخليفة المسترشد بالله ذلك عزل أخاه نظام الدين أحمد من وزارته ، وأعاد جلال الدين أبا علي بن صدقة إلى الوزارة ، وأقام نظام الدين بالمثمنة التي في المدرسة النظامية ببغداذ .
وأما العزيز المستوفي فإنه لم تطل أيامه حتى قتل ، على ما نذكره ، جزاء لسعيه في قتل الوزير .