ذكر
nindex.php?page=treesubj&link=29383مكاتبة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الملوك
وفيها بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الرسل إلى
nindex.php?page=showalam&ids=16848كسرى وقيصر
nindex.php?page=showalam&ids=888والنجاشي وغيرهم ، وأرسل
nindex.php?page=showalam&ids=195حاطب بن أبي بلتعة إلى
المقوقس بمصر ، وأرسل
شجاع بن وهب الأسدي إلى
الحارث بن أبي شمر الغساني ، وأرسل
دحية إلى قيصر ، وأرسل
سليط بن عمرو العامري إلى
هوذة بن علي الحنفي ، وبعث
nindex.php?page=showalam&ids=196عبد الله بن حذافة إلى
nindex.php?page=showalam&ids=16848كسرى ، وأرسل
nindex.php?page=showalam&ids=243عمرو بن أمية الضمري إلى
nindex.php?page=showalam&ids=888النجاشي ، وأرسل
nindex.php?page=showalam&ids=386العلاء بن الحضرمي إلى
المنذر بن ساوى أخي
عبد القيس ، وقيل : إن إرساله كان سنة ثمان . والله أعلم .
nindex.php?page=treesubj&link=33976وأما المقوقس فإنه قبل كتاب النبي - صلى الله عليه وسلم - وأهدى إليه أربع جوار ، منهن
مارية أم
إبراهيم ابن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .
[ ص: 92 ] nindex.php?page=treesubj&link=30937_30942وأما قيصر ، وهو هرقل ، فإنه قبل كتاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وجعله بين فخذيه وخاصرته ، وكتب إلى رجل
برومية كان يقرأ الكتب يخبره شأنه ، فكتب إليه صاحب
رومية : إنه النبي الذي كنا ننتظره لا شك فيه ، فاتبعه وصدقه . فجمع
هرقل بطارقة
الروم في الدسكرة ، وغلقت أبوابها ، ثم اطلع عليهم من علية ، وخافهم على نفسه ، وقال لهم : قد أتاني كتاب هذا الرجل يدعوني إلى دينه ، وإنه والله النبي الذي نجده في كتابنا ، فهلم فلنتبعه ونصدقه فتسلم لنا دنيانا وآخرتنا . فنخروا نخرة رجل واحد ، ثم ابتدروا الأبواب ليخرجوا ، فقال : ردوهم علي ، وخافهم على نفسه ، وقال لهم : إنما قلت لكم ما قلت لأنظر كيف صلابتكم في دينكم ، وقد رأيت منكم ما سرني ، فسجدوا له . وانطلق وقال
لدحية : إني لأعلم أن صاحبك نبي مرسل ، ولكني أخاف
الروم على نفسي ، ولولا ذلك لاتبعته ، فاذهب إلى ضغاطر الأسقف الأعظم في الروم ، واذكر له أمر صاحبك ، وانظر ما يقول لك .
فجاء
دحية وأخبره بما جاء به من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال له
ضغاطر : والله إن صاحبك نبي مرسل ، نعرفه بصفته ، ونجده في كتابنا . ثم أخذ عصاه وخرج على الروم وهم في الكنيسة ، فقال : يا معشر
الروم ، قد جاءنا كتاب من
أحمد يدعونا إلى الله ، وإني أشهد أن لا إله إلا الله ، وأن
محمدا عبده ورسوله . قال : فوثبوا عليه فقتلوه .
فرجع
دحية إلى
هرقل وأخبره الخبر . قال : قد قلت : إنا نخافهم على أنفسنا . وقال قيصر
للروم : هلموا نعطيه الجزية ، فأبوا ، فقال : نعطيه أرض
سورية ، وهي
الشام ، ونصالحه ، فأبوا ، واستدعى
هرقل أبا سفيان ، وكان
بالشام تاجرا إلى
الشام في الهدنة ، فحضر عنده ومعه جماعة من
قريش أجلسهم
هرقل خلفه ، وقال : إني سائله ، فإن كذب فكذبوه . فقال
أبو سفيان : لولا أن يؤثر عني الكذب لكذبت ، فسأله عن النبي ، قال : فصغرت له شأنه ، فلم يلتفت إلى قولي وقال : كيف نسبه فيكم ؟ قلت : هو أوسطنا نسبا . قال : هل كان من أهل بيته من يقول مثل قوله ؟ قلت : لا . قال : فهل له فيكم ملك سلبتموه إياه ؟ قلت : لا . قال : فمن اتبعه منكم ؟ قلت : الضعفاء والمساكين والأحداث . قال : فهل يحبه من يتبعه ويلزمه ، أو يقليه ويفارقه ؟ قلت : ما تبعه رجل ففارقه . قال : فكيف الحرب بينكم وبينه ؟ قلت : سجال ، يدال علينا ، وندال عليه . قال : هل يغدر ؟
[ ص: 93 ] قال : فلم أجد شيئا أغمز به غيرها ، قلت : لا ، ونحن منه في هدنة ، ولا نأمن غدره . قال : فما التفت إليها .
قال
أبو سفيان : فقال لي
هرقل : سألتك عن نسبه ، فزعمت أنه من أوسط الناس ، وكذلك الأنبياء ، وسألتك هل قال أحد من أهل بيته مثل قوله ، فهو متشبه به ، فزعمت أن لا ، وسألتك هل سلبتموه ملكه فجاء بهذا لتردوا عليه ملكه ، فزعمت أن لا ، وسألتك عن أتباعه ، فزعمت أنهم الضعفاء والمساكين ، وكذلك أتباع الرسل ، وسألتك عمن يتبعه أيحبه أم يفارقه ، فزعمت أنهم يحبونه ولا يفارقونه ، وكذلك حلاوة الإيمان لا تدخل قلبا فتخرج منه ، وسألتك هل يغدر ، فزعمت أن لا ، ولئن صدقتني ليغلبن على ما تحت قدمي هاتين ، ولوددت أني عنده فأغسل قدميه . انطلق لشأنك .
قال : فخرجت وأنا أضرب إحدى يدي بالأخرى وأقول : أي عباد الله ، لقد أمر أمر
nindex.php?page=showalam&ids=17350ابن أبي كبشة ، أصبح ملوك
الروم يهابونه في سلطانهم .
قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1025891وقدم عليه دحية بكتاب النبي - صلى الله عليه وسلم : بسم الله الرحمن الرحيم ، من محمد رسول الله إلى هرقل عظيم الروم ، السلام على من اتبع الهدى ، أسلم تسلم ، وأسلم يؤتك الله أجرك مرتين ، وإن توليت فإن إثم الأكارين عليك .
nindex.php?page=treesubj&link=30944وأما الحارث بن أبي شمر الغساني ، فأتاه كتاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مع شجاع بن وهب ، فلما قرأه قال : أنا سائر إليه ، فلما بلغ قوله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : باد ملكه .
nindex.php?page=treesubj&link=30939وأما nindex.php?page=showalam&ids=888النجاشي ، فإنه لما جاءه كتاب النبي - صلى الله عليه وسلم - آمن به واتبعه ، وأسلم على يد
nindex.php?page=showalam&ids=315جعفر بن أبي طالب ، وأرسل إليه ابنه في ستين من
الحبشة ، فغرقوا في البحر ، وأرسل إليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليزوجه
nindex.php?page=showalam&ids=10583أم حبيبة بنت أبي سفيان ، وكانت مهاجرة
بالحبشة مع زوجها
عبيد الله بن جحش ، فتنصر وتوفي
بالحبشة ، فخطبها
nindex.php?page=showalam&ids=888النجاشي إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأجابت ، وزوجها ، وأصدقها
nindex.php?page=showalam&ids=888النجاشي أربعمائة دينار ، فلما سمع
أبو سفيان تزويج رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
أم حبيبة قال : ذاك الفحل لا يقدع أنفه .
[ ص: 94 ] nindex.php?page=treesubj&link=30936وأما nindex.php?page=showalam&ids=16848كسرى فجاءه كتاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مع nindex.php?page=showalam&ids=196عبد الله بن حذافة ، فمزق الكتاب ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم : مزق ملكه . وكان كتابه : بسم الله الرحمن الرحيم ، من محمد رسول الله إلى nindex.php?page=showalam&ids=16848كسرى عظيم فارس ، سلام على من اتبع الهدى ، وآمن بالله ورسوله ، وشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله ، وإني أدعوك بدعاء الله ، وإني رسول الله إلى الناس كافة ، لأنذر nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=70من كان حيا ويحق القول على الكافرين ، فأسلم تسلم ، وإن توليت فإن إثم المجوس عليك .
فلما قرأه شقه ، قال : يكتب إلي بهذا وهو عبدي ! ثم كتب إلى
باذان وهو
باليمن : أن ابعث إلى هذا الرجل الذي
بالحجاز رجلين من عندك جلدين ، فليأتياني به . فبعث
باذان نابوه ، وكان كاتبا حاسبا ، ورجلا آخر من الفرس يقال له :
خرخسره ، وكتب معهما يأمره بالمسير معهما إلى
nindex.php?page=showalam&ids=16848كسرى ، وتقدم إلى
نابوه أن يأتيه بخبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وسمعت
قريش بذلك ففرحوا ، وقالوا : أبشروا ، فقد نصب له
nindex.php?page=showalam&ids=16848كسرى ملك الملوك ، كفيتم الرجل .
فخرجا حتى
قدما على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقد حلقا لحاهما ، وأعفيا شواربهما ، فكره النظر إليهما وقال : ويلكما ، من أمركما بهذا ؟ قالا : ربنا - يعنيان الملك . فقال : لكن ربي أمرني أن أعفي لحيتي ، وأقص شاربي ، فأعلماه بما قدما له وقالا : إن فعلت كتب
باذان فيك إلى
nindex.php?page=showalam&ids=16848كسرى ، وإن أبيت فهو يهلكك ويهلك قومك . فقال لهما رسول الله - صلى الله عليه وسلم :
ارجعا حتى تأتياني غدا . وأتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الخبر من السماء : إن الله قد سلط على nindex.php?page=showalam&ids=16848كسرى ابنه شيرويه فقتله ، فدعاهما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأخبرهما بقتل nindex.php?page=showalam&ids=16848كسرى ، وقال لهما : إن ديني وسلطاني سيبلغ ملك nindex.php?page=showalam&ids=16848كسرى ، وينتهي منتهى الخف والحافر ، وأمرهما أن يقولا لباذان : أسلم ، فإن أسلم أقره على ما تحت يده ، وأملكه على قومه . ثم أعطى خرخسره منطقة ذهب وفضة أهداها له بعض الملوك .
وخرجا فقدما على
باذان وأخبراه الخبر ، فقال : والله ما هذا كلام ملك ، وإني لأراه نبيا ، ولننظرن ، فإن كان ما قال حقا ، فإنه لنبي مرسل ، وإن لم يكن فنرى فيه رأينا . فلم
[ ص: 95 ] يلبث
باذان أن قدم عليه كتاب
شيرويه يخبره بقتل
nindex.php?page=showalam&ids=16848كسرى ، وأنه قتله غضبا للفرس لما استحل من قتل أشرافهم ، ويأمره بأخذ الطاعة له
باليمن ، وبالكف عن النبي - صلى الله عليه وسلم - . فلما أتاه كتاب
شيرويه أسلم ، وأسلم معه أبناء من
فارس . وكانت
حمير تسمي
خرخسره صاحب المعجزة ، والمعجزة بلغة
حمير المنطقة .
وأما
هوذة بن علي فكان ملك
اليمامة ، فلما أتاه
سليط بن عمرو يدعوه إلى الإسلام ، وكان نصرانيا ، أرسل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وفدا فيهم
مجاعة بن مرارة والرجال بن عنفوة ، يقول له : إن جعل الأمر له من بعده أسلم وسار إليه ونصره ، وإلا قصد حربه . فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم :
لا ، ولا كرامة ، اللهم اكفنيه ! فمات بعد قليل .
وأما
مجاعة والرجال فأسلما ، وأقام
الرجال عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى قرأ سورة البقرة وغيرها ، وتفقه وعاد إلى
اليمامة ، فارتد وشهد أن رسول الله أشرك
مسيلمة معه ، فكانت فتنته أشد من فتنة
مسيلمة .
(
مجاعة بضم الميم وتشديد الجيم .
والرجال بالجيم المشددة ، وقيل بالحاء المهملة المشددة . وعنفوة بضم العين ، وسكون النون ، وضم الفاء ، وفتح الواو ) .
nindex.php?page=treesubj&link=30941وأما المنذر بن ساوى والي البحرين ، فلما أتاه
nindex.php?page=showalam&ids=386العلاء بن الحضرمي يدعوه ومن معه
بالبحرين إلى الإسلام أو الجزية ، وكانت ولاية
البحرين للفرس ، فأسلم
المنذر بن ساوى ، وأسلم جميع العرب
بالبحرين .
فأما أهل البلاد من
اليهود والنصارى والمجوس فإنهم صالحوا
العلاء والمنذر على الجزية من كل حالم دينار ، ولم يكن
بالبحرين قتال ، إنما بعضهم أسلم ، وبعضهم صالح .
وولي الحج في هذه السنة المشركون .
وفي هذه السنة ماتت
أم رومان ، وهي أم
عائشة زوجة النبي - صلى الله عليه وسلم - .
ذِكْرُ
nindex.php?page=treesubj&link=29383مُكَاتَبَةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْمُلُوكَ
وَفِيهَا بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الرُّسُلَ إِلَى
nindex.php?page=showalam&ids=16848كِسْرَى وَقَيْصَرَ
nindex.php?page=showalam&ids=888وَالنَّجَاشِيِّ وَغَيْرِهِمْ ، وَأَرْسَلَ
nindex.php?page=showalam&ids=195حَاطِبَ بْنَ أَبِي بَلْتَعَةَ إِلَى
الْمُقَوْقِسِ بِمِصْرَ ، وَأَرْسَلَ
شُجَاعَ بْنَ وَهْبٍ الْأَسَدِيَّ إِلَى
الْحَارِثِ بْنِ أَبِي شِمْرٍ الْغَسَّانِيِّ ، وَأَرْسَلَ
دِحْيَةَ إِلَى قَيْصَرَ ، وَأَرْسَلَ
سَلِيطَ بْنَ عَمْرٍو الْعَامِرِيَّ إِلَى
هَوْذَةَ بْنِ عَلِيٍّ الْحَنَفِيِّ ، وَبَعَثَ
nindex.php?page=showalam&ids=196عَبْدَ اللَّهِ بْنَ حُذَافَةَ إِلَى
nindex.php?page=showalam&ids=16848كِسْرَى ، وَأَرْسَلَ
nindex.php?page=showalam&ids=243عَمْرَو بْنَ أُمَيَّةَ الضَّمْرِيَّ إِلَى
nindex.php?page=showalam&ids=888النَّجَاشِيِّ ، وَأَرْسَلَ
nindex.php?page=showalam&ids=386الْعَلَاءَ بْنَ الْحَضْرَمِيِّ إِلَى
الْمُنْذِرِ بْنِ سَاوَى أَخِي
عَبْدِ الْقَيْسِ ، وَقِيلَ : إِنَّ إِرْسَالَهُ كَانَ سَنَةَ ثَمَانٍ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
nindex.php?page=treesubj&link=33976وَأَمَّا الْمُقَوْقِسُ فَإِنَّهُ قَبِلَ كِتَابَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَهْدَى إِلَيْهِ أَرْبَعَ جَوَارٍ ، مِنْهُنَّ
مَارِيَةُ أُمُّ
إِبْرَاهِيمَ ابْنِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - .
[ ص: 92 ] nindex.php?page=treesubj&link=30937_30942وَأَمَّا قَيْصَرُ ، وَهُوَ هِرَقْلُ ، فَإِنَّهُ قَبِلَ كِتَابَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَجَعَلَهُ بَيْنَ فَخِذَيْهِ وَخَاصِرَتِهِ ، وَكَتَبَ إِلَى رَجُلٍ
بِرُومِيَّةٍ كَانَ يَقْرَأُ الْكُتُبَ يُخْبِرُهُ شَأْنَهُ ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ صَاحِبُ
رُومِيَّةَ : إِنَّهُ النَّبِيُّ الَّذِي كُنَّا نَنْتَظِرُهُ لَا شَكَّ فِيهِ ، فَاتَّبِعْهُ وَصَدِّقْهُ . فَجَمَعَ
هِرَقْلُ بِطَارِقَةَ
الرُّومِ فِي الدَّسْكَرَةِ ، وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُهَا ، ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَيْهِمْ مِنْ عِلِّيَةٍ ، وَخَافَهُمْ عَلَى نَفْسِهِ ، وَقَالَ لَهُمْ : قَدْ أَتَانِي كِتَابُ هَذَا الرَّجُلِ يَدْعُونِي إِلَى دِينِهِ ، وَإِنَّهُ وَاللَّهِ النَّبِيُّ الَّذِي نَجِدُهُ فِي كِتَابِنَا ، فَهَلُمَّ فَلْنَتْبَعْهُ وَنُصَدِّقْهُ فَتَسْلَمَ لَنَا دُنْيَانَا وَآخِرَتُنَا . فَنَخَرُوا نَخْرَةَ رَجُلٍ وَاحِدٍ ، ثُمَّ ابْتَدَرُوا الْأَبْوَابَ لِيَخْرُجُوا ، فَقَالَ : رُدُّوهُمْ عَلَيَّ ، وَخَافَهُمْ عَلَى نَفْسِهِ ، وَقَالَ لَهُمْ : إِنَّمَا قُلْتُ لَكُمْ مَا قُلْتُ لِأَنْظُرَ كَيْفَ صَلَابَتُكُمْ فِي دِينِكُمْ ، وَقَدْ رَأَيْتُ مِنْكُمْ مَا سَرَّنِي ، فَسَجَدُوا لَهُ . وَانْطَلَقَ وَقَالَ
لِدَحْيَةَ : إِنِّي لَأَعْلَمُ أَنَّ صَاحِبَكَ نَبِيٌّ مُرْسَلٌ ، وَلَكِنِّي أَخَافُ
الرُّومَ عَلَى نَفْسِي ، وَلَوْلَا ذَلِكَ لَاتَّبَعْتُهُ ، فَاذْهَبْ إِلَى ضُغَاطِرَ الْأُسْقُفِّ الْأَعْظَمِ فِي الرُّومِ ، وَاذْكُرْ لَهُ أَمْرَ صَاحِبِكَ ، وَانْظُرْ مَا يَقُولُ لَكَ .
فَجَاءَ
دِحْيَةُ وَأَخْبَرَهُ بِمَا جَاءَ بِهِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ لَهُ
ضُغَاطِرُ : وَاللَّهِ إِنَّ صَاحِبَكَ نَبِيٌّ مُرْسَلٌ ، نَعْرِفُهُ بِصِفَتِهِ ، وَنَجِدُهُ فِي كِتَابِنَا . ثُمَّ أَخَذَ عَصَاهُ وَخَرَجَ عَلَى الرُّومِ وَهُمْ فِي الْكَنِيسَةِ ، فَقَالَ : يَا مَعْشَرَ
الرُّومِ ، قَدْ جَاءَنَا كِتَابٌ مِنْ
أَحْمَدَ يَدْعُونَا إِلَى اللَّهِ ، وَإِنِّي أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ، وَأَنَّ
مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ . قَالَ : فَوَثَبُوا عَلَيْهِ فَقَتَلُوهُ .
فَرَجَعَ
دِحْيَةُ إِلَى
هِرَقْلَ وَأَخْبَرَهُ الْخَبَرَ . قَالَ : قَدْ قُلْتُ : إِنَّا نَخَافُهُمْ عَلَى أَنْفُسِنَا . وَقَالَ قَيْصَرُ
لِلرُّومِ : هَلُمُّوا نُعْطِيهِ الْجِزْيَةَ ، فَأَبَوْا ، فَقَالَ : نُعْطِيهِ أَرْضَ
سُورِيَّةَ ، وَهِيَ
الشَّامُ ، وَنُصَالِحُهُ ، فَأَبَوْا ، وَاسْتَدْعَى
هِرَقْلُ أَبَا سُفْيَانَ ، وَكَانَ
بِالشَّامِ تَاجِرًا إِلَى
الشَّامِ فِي الْهُدْنَةِ ، فَحَضَرَ عِنْدَهُ وَمَعَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ
قُرَيْشٍ أَجْلَسَهُمْ
هِرَقْلُ خَلْفَهُ ، وَقَالَ : إِنِّي سَائِلُهُ ، فَإِنَّ كَذِبَ فَكَذِّبُوهُ . فَقَالَ
أَبُو سُفْيَانَ : لَوْلَا أَنْ يُؤْثَرَ عَنِّي الْكَذِبُ لَكَذَبْتُ ، فَسَأَلَهُ عَنِ النَّبِيِّ ، قَالَ : فَصَغَّرْتُ لَهُ شَأْنَهُ ، فَلَمْ يَلْتَفِتْ إِلَى قَوْلِي وَقَالَ : كَيْفَ نَسَبُهُ فِيكُمْ ؟ قُلْتُ : هُوَ أَوْسَطُنَا نَسَبًا . قَالَ : هَلْ كَانَ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ مَنْ يَقُولُ مِثْلَ قَوْلِهِ ؟ قُلْتُ : لَا . قَالَ : فَهَلْ لَهُ فِيكُمْ مِلْكٌ سَلَبْتُمُوهُ إِيَّاهُ ؟ قُلْتُ : لَا . قَالَ : فَمَنِ اتَّبَعَهُ مِنْكُمْ ؟ قُلْتُ : الضُّعَفَاءُ وَالْمَسَاكِينُ وَالْأَحْدَاثُ . قَالَ : فَهَلْ يُحِبُّهُ مَنْ يَتْبَعُهُ وَيَلْزَمُهُ ، أَوْ يَقْلِيهِ وَيُفَارِقُهُ ؟ قُلْتُ : مَا تَبِعَهُ رَجُلٌ فَفَارَقَهُ . قَالَ : فَكَيْفَ الْحَرْبُ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ ؟ قُلْتُ : سِجَالٌ ، يُدَالُ عَلَيْنَا ، وَنُدَالُ عَلَيْهِ . قَالَ : هَلْ يَغْدِرُ ؟
[ ص: 93 ] قَالَ : فَلَمْ أَجِدْ شَيْئًا أَغْمِزُ بِهِ غَيْرَهَا ، قُلْتُ : لَا ، وَنَحْنُ مِنْهُ فِي هُدْنَةٍ ، وَلَا نَأْمَنُ غَدْرَهُ . قَالَ : فَمَا الْتَفَتَ إِلَيْهَا .
قَالَ
أَبُو سُفْيَانَ : فَقَالَ لِي
هِرَقْلُ : سَأَلْتُكَ عَنْ نَسَبِهِ ، فَزَعَمْتَ أَنَّهُ مَنْ أَوْسَطِ النَّاسِ ، وَكَذَلِكَ الْأَنْبِيَاءُ ، وَسَأَلْتُكَ هَلْ قَالَ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ مِثْلَ قَوْلِهِ ، فَهُوَ مُتَشَبِّهٌ بِهِ ، فَزَعَمْتَ أَنْ لَا ، وَسَأَلْتُكَ هَلْ سَلَبْتُمُوهُ مِلْكَهُ فَجَاءَ بِهَذَا لِتَرُدُّوا عَلَيْهِ مِلْكَهُ ، فَزَعَمْتَ أَنْ لَا ، وَسَأَلْتُكَ عَنْ أَتْبَاعِهِ ، فَزَعَمْتَ أَنَّهُمُ الضُّعَفَاءُ وَالْمَسَاكِينُ ، وَكَذَلِكَ أَتْبَاعُ الرُّسُلِ ، وَسَأَلْتُكَ عَمَّنْ يَتْبَعُهُ أَيُحِبُّهُ أَمْ يُفَارِقُهُ ، فَزَعَمْتَ أَنَّهُمْ يُحِبُّونَهُ وَلَا يُفَارِقُونَهُ ، وَكَذَلِكَ حَلَاوَةُ الْإِيمَانِ لَا تَدْخُلُ قَلْبًا فَتَخْرُجُ مِنْهُ ، وَسَأَلْتُكَ هَلْ يَغْدِرُ ، فَزَعَمْتَ أَنْ لَا ، وَلَئِنْ صَدَقْتَنِي لَيَغْلِبَنَّ عَلَى مَا تَحْتَ قَدَميَّ هَاتَيْنِ ، وَلَوَدِدْتُ أَنِّي عِنْدَهُ فَأَغْسِلُ قَدَمَيْهِ . انْطَلِقْ لِشَأْنِكَ .
قَالَ : فَخَرَجْتُ وَأَنَا أَضْرِبُ إِحْدَى يَدَيَّ بِالْأُخْرَى وَأَقُولُ : أَيْ عِبَادَ اللَّهِ ، لَقَدْ أَمِرَ أَمْرُ
nindex.php?page=showalam&ids=17350ابْنِ أَبِي كَبْشَةَ ، أَصْبَحَ مُلُوكُ
الرُّومِ يَهَابُونَهُ فِي سُلْطَانِهِمْ .
قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1025891وَقَدِمَ عَلَيْهِ دِحْيَةُ بِكِتَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ، مِنْ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ إِلَى هِرَقْلَ عَظِيمِ الرُّومِ ، السَّلَامُ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى ، أَسْلِمْ تَسْلَمْ ، وَأَسْلِمْ يُؤْتِكَ اللَّهُ أَجْرَكَ مَرَّتَيْنِ ، وَإِنْ تَوَلَّيْتَ فَإِنَّ إِثْمَ الْأَكَّارِينَ عَلَيْكَ .
nindex.php?page=treesubj&link=30944وَأَمَّا الْحَارِثُ بْنُ أَبِي شِمْرٍ الْغَسَّانِيُّ ، فَأَتَاهُ كِتَابُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَعَ شُجَاعِ بْنِ وَهْبٍ ، فَلَمَّا قَرَأَهُ قَالَ : أَنَا سَائِرٌ إِلَيْهِ ، فَلَمَّا بَلَغَ قَوْلُهُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ : بَادَ مُلْكُهُ .
nindex.php?page=treesubj&link=30939وَأَمَّا nindex.php?page=showalam&ids=888النَّجَاشِيُّ ، فَإِنَّهُ لَمَّا جَاءَهُ كِتَابُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - آمَنَ بِهِ وَاتَّبَعَهُ ، وَأَسْلَمَ عَلَى يَدِ
nindex.php?page=showalam&ids=315جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ، وَأَرْسَلَ إِلَيْهِ ابْنَهُ فِي سِتِّينَ مِنَ
الْحَبَشَةِ ، فَغَرِقُوا فِي الْبَحْرِ ، وَأَرْسَلَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِيُزَوِّجَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=10583أُمَّ حَبِيبَةَ بِنْتَ أَبِي سُفْيَانَ ، وَكَانَتْ مُهَاجِرَةً
بِالْحَبَشَةِ مَعَ زَوْجِهَا
عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ جَحْشٍ ، فَتَنَصَّرَ وَتُوفِّيَ
بِالْحَبَشَةِ ، فَخَطَبَهَا
nindex.php?page=showalam&ids=888النَّجَاشِيُّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَجَابَتْ ، وَزَوَّجَهَا ، وَأَصْدَقَهَا
nindex.php?page=showalam&ids=888النَّجَاشِيُّ أَرْبَعَمِائَةِ دِينَارٍ ، فَلَمَّا سَمِعَ
أَبُو سُفْيَانَ تَزْوِيجَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
أُمَّ حَبِيبَةَ قَالَ : ذَاكَ الْفَحْلُ لَا يُقْدَعُ أَنْفُهُ .
[ ص: 94 ] nindex.php?page=treesubj&link=30936وَأَمَّا nindex.php?page=showalam&ids=16848كِسْرَى فَجَاءَهُ كِتَابُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَعَ nindex.php?page=showalam&ids=196عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حُذَافَةَ ، فَمَزَّقَ الْكِتَابَ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مُزِّقَ مُلْكُهُ . وَكَانَ كِتَابُهُ : بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ، مِنْ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ إِلَى nindex.php?page=showalam&ids=16848كِسْرَى عَظِيمِ فَارِسٍ ، سَلَامٌ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى ، وَآمَنَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ، وَشَهِدَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ، وَإِنِّي أَدْعُوكَ بِدُعَاءِ اللَّهِ ، وَإِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَى النَّاسِ كَافَّةً ، لِأُنْذِرَ nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=70مَنْ كَانَ حَيًّا وَيَحِقَّ الْقَوْلُ عَلَى الْكَافِرِينَ ، فَأَسْلِمْ تَسْلَمْ ، وَإِنْ تَوَلَّيْتَ فَإِنَّ إِثْمَ الْمَجُوسِ عَلَيْكَ .
فَلَمَّا قَرَأَهُ شَقَّهُ ، قَالَ : يَكْتُبُ إِلَيَّ بِهَذَا وَهُوَ عَبْدِي ! ثُمَّ كَتَبَ إِلَى
بَاذَانَ وَهُوَ
بِالْيَمَنِ : أَنِ ابْعَثْ إِلَى هَذَا الرَّجُلِ الَّذِي
بِالْحِجَازِ رَجُلَيْنِ مِنْ عِنْدِكَ جَلْدَيْنِ ، فَلْيَأْتِيَانِي بِهِ . فَبَعَثَ
بَاذَانُ نَابُوهْ ، وَكَانَ كَاتِبًا حَاسِبًا ، وَرَجُلًا آخَرَ مِنَ الْفُرْسِ يُقَالُ لَهُ :
خُرَّخُسْرَهْ ، وَكَتَبَ مَعَهُمَا يَأْمُرُهُ بِالْمَسِيرِ مَعَهُمَا إِلَى
nindex.php?page=showalam&ids=16848كِسْرَى ، وَتَقَدَّمَ إِلَى
نَابُوهْ أَنْ يَأْتِيَهُ بِخَبَرِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَسَمِعَتْ
قُرَيْشٌ بِذَلِكَ فَفَرِحُوا ، وَقَالُوا : أَبْشِرُوا ، فَقَدْ نَصَبَ لَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=16848كِسْرَى مَلِكُ الْمُلُوكِ ، كُفِيتُمُ الرَّجُلَ .
فَخَرَجَا حَتَّى
قَدِمَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَدْ حَلَقَا لِحَاهُمَا ، وَأَعْفَيَا شَوَارِبَهُمَا ، فَكَرِهَ النَّظَرَ إِلَيْهِمَا وَقَالَ : وَيَلْكُمَا ، مَنْ أَمَرَكُمَا بِهَذَا ؟ قَالَا : رَبُّنَا - يَعْنِيَانِ الْمَلِكَ . فَقَالَ : لَكِنَّ رَبِّي أَمَرَنِي أَنْ أُعْفِيَ لِحْيَتِي ، وَأَقُصَّ شَارِبِي ، فَأَعْلَمَاهُ بِمَا قَدِمَا لَهُ وَقَالَا : إِنْ فَعَلْتَ كَتَبَ
بَاذَانُ فِيكَ إِلَى
nindex.php?page=showalam&ids=16848كِسْرَى ، وَإِنْ أَبَيْتَ فَهُوَ يُهْلِكُكَ وَيُهْلِكُ قَوْمَكَ . فَقَالَ لَهُمَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
ارْجِعَا حَتَّى تَأْتِيَانِي غَدًا . وَأَتَى رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْخَبَرُ مِنَ السَّمَاءِ : إِنَّ اللَّهَ قَدْ سَلَّطَ عَلَى nindex.php?page=showalam&ids=16848كِسْرَى ابْنَهُ شِيرَوَيْهِ فَقَتَلَهُ ، فَدَعَاهُمَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَخْبَرَهُمَا بِقَتْلِ nindex.php?page=showalam&ids=16848كِسْرَى ، وَقَالَ لَهُمَا : إِنَّ دِينِي وَسُلْطَانِي سَيَبْلُغُ مُلْكَ nindex.php?page=showalam&ids=16848كِسْرَى ، وَيَنْتَهِي مُنْتَهَى الْخُفِّ وَالْحَافِرِ ، وَأَمَرَهُمَا أَنْ يَقُولَا لِبَاذَانَ : أَسْلِمْ ، فَإِنْ أَسْلَمَ أُقِرَّهُ عَلَى مَا تَحْتَ يَدِهِ ، وَأُمَلِّكْهُ عَلَى قَوْمِهِ . ثُمَّ أَعْطَى خُرَّخُسْرَهْ مِنْطَقَةَ ذَهَبٍ وَفِضَّةٍ أَهْدَاهَا لَهُ بَعْضُ الْمُلُوكِ .
وَخَرَجَا فَقَدِمَا عَلَى
بَاذَانَ وَأَخْبَرَاهُ الْخَبَرَ ، فَقَالَ : وَاللَّهِ مَا هَذَا كَلَامُ مَلِكٍ ، وَإِنِّي لَأُرَاهُ نَبِيًّا ، وَلَنَنْظُرَنَّ ، فَإِنْ كَانَ مَا قَالَ حَقًّا ، فَإِنَّهُ لَنَبِيٌّ مُرْسَلٌ ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَنَرَى فِيهِ رَأْيَنَا . فَلَمْ
[ ص: 95 ] يَلْبَثْ
بَاذَانُ أَنْ قَدِمَ عَلَيْهِ كِتَابُ
شِيرَوَيْهِ يُخْبِرُهُ بِقَتْلِ
nindex.php?page=showalam&ids=16848كِسْرَى ، وَأَنَّهُ قَتَلَهُ غَضَبًا لِلْفُرْسِ لِمَا اسْتَحَلَّ مِنْ قَتْلِ أَشْرَافِهِمْ ، وَيَأْمُرُهُ بِأَخْذِ الطَّاعَةِ لَهُ
بِالْيَمَنِ ، وَبِالْكَفِّ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - . فَلَمَّا أَتَاهُ كِتَابُ
شِيرَوَيْهِ أَسْلَمَ ، وَأَسْلَمَ مَعَهُ أَبْنَاءٌ مِنْ
فَارِسَ . وَكَانَتْ
حِمْيَرُ تُسَمِّي
خُرَّخُسْرَهْ صَاحِبَ الْمِعْجَزَةِ ، وَالْمِعْجَزَةُ بِلُغَةِ
حِمْيَرَ الْمِنْطَقَةُ .
وَأَمَّا
هَوْذَةُ بْنُ عَلِيٍّ فَكَانَ مَلِكَ
الْيَمَامَةِ ، فَلَمَّا أَتَاهُ
سَلِيطُ بْنُ عَمْرٍو يَدْعُوهُ إِلَى الْإِسْلَامِ ، وَكَانَ نَصْرَانِيًّا ، أَرْسَلَ إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَفْدًا فِيهِمْ
مُجَّاعَةُ بْنُ مُرَارَةَ وَالرَّجَّالُ بْنُ عُنْفُوَةَ ، يَقُولُ لَهُ : إِنْ جَعَلَ الْأَمْرَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَسْلَمَ وَسَارَ إِلَيْهِ وَنَصَرَهُ ، وَإِلَّا قَصَدَ حَرْبَهُ . فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
لَا ، وَلَا كَرَامَةَ ، اللَّهُمَّ اكْفِنِيهِ ! فَمَاتَ بَعْدَ قَلِيلٍ .
وَأَمَّا
مُجَّاعَةُ وَالرَّجَّالُ فَأَسْلَمَا ، وَأَقَامَ
الرَّجَّالُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَتَّى قَرَأَ سُورَةَ الْبَقَرَةِ وَغَيْرَهَا ، وَتَفَقَّهَ وَعَادَ إِلَى
الْيَمَامَةِ ، فَارْتَدَّ وَشَهِدَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ أَشْرَكَ
مُسَيْلِمَةَ مَعَهُ ، فَكَانَتْ فِتْنَتُهُ أَشَدَّ مِنْ فِتْنَةِ
مُسَيْلِمَةَ .
(
مُجَّاعَةُ بِضَمِّ الْمِيمِ وَتَشْدِيدِ الْجِيمِ .
وَالرَّجَّالُ بِالْجِيمِ الْمُشَدَّدَةِ ، وَقِيلَ بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ الْمُشَدَّدَةِ . وَعُنْفُوَةُ بِضَمِّ الْعَيْنِ ، وَسُكُونِ النُّونِ ، وَضَمِّ الْفَاءِ ، وَفَتْحِ الْوَاوِ ) .
nindex.php?page=treesubj&link=30941وَأَمَّا الْمُنْذِرُ بْنُ سَاوَى وَالِي الْبَحْرَيْنِ ، فَلَمَّا أَتَاهُ
nindex.php?page=showalam&ids=386الْعَلَاءُ بْنُ الْحَضْرَمِيِّ يَدْعُوهُ وَمَنْ مَعَهُ
بِالْبَحْرَيْنِ إِلَى الْإِسْلَامِ أَوِ الْجِزْيَةِ ، وَكَانَتْ وِلَايَةُ
الْبَحْرَيْنِ لِلْفُرْسِ ، فَأَسْلَمَ
الْمُنْذِرُ بْنُ سَاوَى ، وَأَسْلَمَ جَمِيعُ الْعَرَبِ
بِالْبَحْرَيْنِ .
فَأَمَّا أَهْلُ الْبِلَادِ مِنَ
الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسِ فَإِنَّهُمْ صَالَحُوا
الْعَلَاءَ وَالْمُنْذِرَ عَلَى الْجِزْيَةِ مِنْ كُلِّ حَالِمٍ دِينَارٌ ، وَلَمْ يَكُنْ
بِالْبَحْرَيْنِ قِتَالٌ ، إِنَّمَا بَعْضُهُمْ أَسْلَمَ ، وَبَعْضُهُمْ صَالَحَ .
وَوَلِيَ الْحَجَّ فِي هَذِهِ السَّنَةِ الْمُشْرِكُونَ .
وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ مَاتَتْ
أُمُّ رُومَانَ ، وَهِيَ أُمُّ
عَائِشَةَ زَوْجَةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - .