ذكر ظفر  لمليح بن ليون  بالروم   
في هذه السنة ، في جمادى الأولى ، هزم  مليح بن ليون الأرمني  ، صاحب بلاد الدروب  المجاورة لحلب  ، عسكر الروم  من القسطنطينية    . 
وسبب ذلك أن  نور الدين  كان قد استخدم  مليحا  المذكور ، وأقطعه إقطاعا سنيا ، وكان ملازم الخدمة  لنور الدين  ، ومشاهدا لحروبه مع الفرنج  ، ومباشرا لها ، وكان هذا من جيد الرأي وصائبه ، فإن  نور الدين  لما قيل له في معنى استخدامه وإعطائه الأقطاع من بلاد الإسلام قال : أستعين به على قتال أهل ملته ، وأريح طائفة من عسكري تكون بإزائه لتمنعه من الغارة على البلاد المجاورة له . 
وكان  مليح  أيضا يتقوى  بنور الدين  على من يجاوره من الأرمن  والروم  ، وكانت مدينة أدنة  والمصيصة  وطرسوس  بيد ملك الروم  ، صاحب القسطنطينية  ، فأخذها  مليح  منهم لأنها تجاور بلاده ، فسير إليه ملك الروم  جيشا كثيفا ، وجعل عليهم بعض أعيان البطارقة من أقاربه ، فلقيهم  مليح  ومعه طائفة من عسكر  نور الدين  ، فقاتلهم ، وصدقهم القتال ، وصابرهم ، فانهزمت الروم  ، وكثر فيهم القتل والأسر ، وقويت شوكة  مليح  ، وانقطع أمل الروم  من تلك البلاد . 
 [ ص: 381 ] وأرسل  مليح  إلى  نور الدين  كثيرا من غنائمهم ومن الأسرى ثلاثين رجلا من مشهوريهم وأعيانهم ، فسير  نور الدين  بعض ذلك إلى   الخليفة المستضيء بأمر الله  ، وكتب يعتد بهذا لأن بعض جنده فعلوه . 
				
						
						
