ذكر غزوة طيئ وإسلام عدي بن حاتم  
في هذه السنة في شهر ربيع الآخر أرسل النبي - صلى الله عليه وسلم -   علي بن أبي طالب  في سرية إلى ديار طيئ  ، وأمره أن يهدم صنمهم الفلس ، فسار إليهم وأغار عليهم ، فغنم وسبى وكسر الصنم ، وكان متقلدا سيفين يقال لأحدهما : مخذم ، وللآخر : رسوب ، فأخذهما  علي  وحملهما إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكان  الحارث بن أبي شمر  أهدى السيفين للصنم ، فعلقا عليه ، وأسر بنتا  لحاتم الطائي  ، وحملت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالمدينة  ، فأطلقها . 
وأما إسلام   عدي بن حاتم  فقال  عدي     : جاءت خيل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأخذوا أختي وناسا ، فأتوا بهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالت أختي : يا رسول الله ، هلك الوالد ، وغاب الوافد ،   [ ص: 152 ] فامنن علي من الله عليك . فقال : ومن وافدك ؟ قالت :   عدي بن حاتم     . قال : الذي فر من الله ورسوله ! فمن عليها ، وإلى جانبه رجل قائم وهو   علي بن أبي طالب  ، قال : سليه حملانا . فسألته ، فأمر لها به وكساها ، وأعطاها نفقة   . قال  عدي     : وكنت ملك طيئ  آخذ منهم المرباع وأنا نصراني ، فلما قدمت خيل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هربت إلى الشام من الإسلام ، وقلت : أكون عند أهل ديني ، فبينا أنا بالشام إذ جاءت أختي ، وأخذت تلومني على تركها وهربي بأهلي دونها ، ثم قالت لي : أرى أن تلحق بمحمد  سريعا ، فإن كان نبيا كان للسابق فضله ، وإن كان ملكا كنت في عز وأنت أنت . قال : فقدمت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فسلمت عليه وعرفته نفسي ، فانطلق بي إلى بيته ، فلقيته امرأة ضعيفة فاستوقفته ، فوقف لها طويلا تكلمه في حاجتها ، فقلت : ما هذا بملك ، ثم دخلت بيته فأجلسني على وسادة ، وجلس على الأرض ، فقلت في نفسي : ما هذا ملك . فقال لي : يا  عدي  ، إنك تأخذ المرباع وهو لا يحل في دينك ، ولعلك إنما يمنعك من الإسلام ما ترى من حاجتنا وكثرة عدونا ، والله ليفيضن المال فيهم حتى لا يوجد من يأخذه ، ووالله لتسمعن بالمرأة تسير من القادسية  على بعيرها حتى تزور هذا البيت ، لا تخاف إلا الله ، ووالله لتسمعن بالقصور البيض من بابل  وقد فتحت . قال : فأسلمت ، فقد رأيت القصور البيض وقد فتحت ، ورأيت المرأة تخرج إلى البيت لا تخاف إلا الله ، ووالله لتكونن الثالثة ليفيضن المال حتى لا يقبله أحد   . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					