ذكر ملك شرستي  من الهند  وغيرها وانهزام المسلمين بعدها  
في آخر هذه السنة سار  شهاب الدين الغوري ، ملك غزنة   ، إلى بلاد الهند  ، وقصد بلاد أجمير  ، وتعرف بولاية السوالك  ، واسم ملكهم كولة ، وكان شجاعا   [ ص: 45 ] شهما ، فلما دخل المسلمون بلاده ملكوا مدينة تبرندة  ، وهي حصن منيع عامر ، وملكوا شرستي  ، وملكوا كوة رام    . 
فلما سمع ملكهم جمع العساكر فأكثر ، وسار إلى المسلمين ، فالتقوا ، وقامت الحرب على ساق ، وكان مع الهند  أربعة عشر فيلا ، فلما اشتدت الحرب انهزمت ميمنة المسلمين وميسرتهم ، فقال  لشهاب الدين  بعض خواصه : قد انكسرت الميمنة والميسرة ، فانج بنفسك لا يهلك المسلمون . 
فأخذ  شهاب الدين  الرمح وحمل على الهنود  ، فوصل إلى الفيلة ، فطعن فيلا منها في كتفه ، وجرح الفيل لا يندمل ، فلما وصل  شهاب الدين  إلى الفيلة زرقه بعض الهنود  بحربة ، فوقعت الحربة في ساعده ، فنفذت الحربة من الجانب الآخر ، فوقع حينئذ إلى الأرض ، فقاتل عليه أصحابه ليخلصوه ، وحرصت الهنود  على أخذه ، وكان عنده حرب لم يسمع بمثلها ، وأخذه أصحابه فركبوه فرسه وعادوا به منهزمين . 
فلم يتبعهم الهنود  ، فلما أبعدوا عن موضع الوقعة بمقدار فرسخ أغمي على  شهاب الدين  من كثرة خروج الدم ، فحمله الرجال على أكتافهم في محفة اليد أربعة وعشرين فرسخا . 
فلما وصل إلى لهاوور  أخذ الأمراء الغورية ، وهم الذين انهزموا ولم يثبتوا ، وعلق على كل واحد منهم عليق شعير ، وقال : أنتم دواب ما أنتم أمراء ! وسار إلى غزنة  ، وأمر بعضهم فمشى إليها ماشيا ، فلما وصل إلى غزنة  أقام بها ليستريح الناس ، ونذكر ما فعله بملك الهند  الذي هزمه سنة ثمان وثمانين [ وخمسمائة ] إن شاء الله تعالى . 
				
						
						
