الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ذكر فتح درب ساك

لما فتح صلاح الدين حصن برزية رحل عنه من الغد ، فأتى جسر الحديد ، وهو على العاصي ، بالقرب من أنطاكية ، فأقام عليه حتى وافاه من تخلف عنه من عسكره ثم سار عنه إلى قلعة درب ساك . فنزل عليها ثامن رجب ، وهي من معاقل الداوية الحصينة وقلاعهم التي يدخرونها لحماياتهم عند نزول الشدائد .

فلما نزل عليها نصب المجانيق ، وتابع الرمي بالحجارة ، فهدمت من سورها شيئا يسيرا ، فلم يبال من فيه بذلك ، فأمر بالزحف عليها ومهاجمتها ، فبادرها العسكر بالزحف وقاتلوها ، وكشفوا الرجال عن سورها ، وتقدم النقابون فنقبوا منها برجا وعلقوه ، فسقط واتسع المكان الذي يريد المقاتلة [ أن ] يدخلوا منه ، وعادوا يومهم ذلك ، ثم باكروا الزحف من الغد .

وكان من فيه قد أرسلوا إلى صاحب أنطاكية يستنجدونه ، فصبروا ، وأظهروا الجلد ، وهم ينتظرون وصول جوابه إما بإنجادهم وإزاحة المسلمين عنهم ، وإما بالتخلي عنهم ليقوم عذرهم في التسليم ، فلما علموا عجزه عن نصرتهم ، وخافوا [ ص: 57 ] هجوم المسلمين عليها ، وأخذهم بالسيف ، وقتلهم وأسرهم ونهب أموالهم ، طلبوا الأمان ، فأمنهم على شرط [ أن ] لا يخرج أحد إلا بثيابه التي عليه بغير مال ، ولا سلاح ، ولا أثاث بيت ، ولا دابة ، ولا شيء مما بها ، ثم أخرجهم منه وسيرهم إلى أنطاكية ، وكان فتحه تاسع عشر .

التالي السابق


الخدمات العلمية