[ ص: 72 ] ذكر وقعة أخرى ووقعة العرب
ثم إن المسلمين نهضوا إلى الفرنج من الغد وهو سادس ، شعبان عازمين ، على بذل جهدهم واستنفاذ وسعهم في استئصالهم . فتقدموا على تعبئتهم ، فرأوا الفرنج حذرين محتاطين ، قد ندموا على ما فرطوا فيه بالأمس ، وهم قد حفظوا أطرافهم ونواحيهم ، وشرعوا في حفر خندق يمنع من الوصول إليهم فألح المسلمون عليهم في القتال فلم يتقدم الفرنج إليهم ، ولا فارقوا مرابضهم ، فلما رأى المسلمون ذلك عادوا عنهم .
ثم إن جماعة من العرب بلغهم أن الفرنج تخرج من الناحية الأخرى إلى الاحتطاب وغيره من أشغالهم . فكمنوا لهم في معاطف النهر ونواحيه سادس عشر شعبان فلما خرج جمع من الفرنج على عادتهم حملت عليهم العرب ، فقتلوهم عن آخرهم وغنموا ما كان معهم . وحملوا الرؤس إلى صلاح الدين ، فأحسن إليهم وأعطاهم الخلع .