ذكر نهب الكرج  أرمينية   
في هذه السنة قصدت الكرج  في جموعها ولاية خلاط  من أرمينية  ، ونهبوا وقتلوا ، وأسروا وسبوا أهلها كثيرا وجاسوا خلال الديار آمنين ، ولم يخرج إليهم من خلاط  من يمنعهم ، فبقوا متصرفين في النهب والسبي ، والبلاد شاغرة لا مانع لها ، لأن صاحبها صبي ، والمدبر لدولته ليست له تلك الطاعة على الجند . 
فلما اشتد البلاء على الناس تذامروا ، وحرض بعضهم بعضا ، واجتمعت العساكر الإسلامية التي بتلك الولاية جميعها ، وانضاف إليهم من المتطوعة كثير ، فساروا جميعهم نحو الكرج  وهم خائفون ، فرأى بعض الصوفية الأخيار الشيخ  محمدا البستي  ، وهو من الصالحين ، وكان قد مات ، فقال له الصوفي : أراك هاهنا ؟ فقال : جئت لمساعدة المسلمين على عدوهم . فاستيقظ فرحا بمحل  البستي  من الإسلام ،   [ ص: 237 ] وأتى إلى مدبر العسكر والقيم بأمره ، وقص عليه رؤياه ، ففرح بذلك ، وقوي عزمه على قصد الكرج  ، وسار بالعساكر إليهم فنزل منزلا . 
فوصلت الأخبار إلى  الكرج  ، فعزموا على كبس المسلمين ، فانتقلوا من موضعهم بالوادي إلى أعلاه ، فنزلوا فيه ليكبسوا المسلمين إذا أظلم الليل ، فأتى المسلمين الخبر ، فقصدوا الكرج  وأمسكوا عليهم رأس الوادي وأسفله ، وهو واد ليس إليه غير هذين الطريقين ، فلما رأى الكرج  ذلك أيقنوا بالهلاك ، وسقط في أيديهم ، وطمع المسلمون فيهم ، وضايقوهم ، وقاتلوهم . فقتلوا منهم كثيرا ، وأسروا مثلهم ، ولم يفلت من الكرج  إلا القليل ، وكفى الله المسلمين شرهم بعد أن كانوا أشرفوا على الهلاك . 
				
						
						
