ذكر الأشرف إلى الموصل والصلح مع مظفر الدين وصول
لما ملك الملك الأشرف سنجار سار يريد الموصل ليجتاز منها ، فقدم بين يديه عساكره ، فكان يصل كل يوم منهم جمع كثير ، ثم وصل هو في آخرهم يوم الثلاثاء تاسع عشر جمادى الأولى من السنة المذكورة ، وكان يوم وصوله مشهودا ، وأتاه رسل الخليفة ومظفر الدين في الصلح ، وبذل تسليم القلاع المأخوذة جميعها إلى بدر الدين ، ما عدا قلعة العمادية فإنها تبقى بيد زنكي ، وإن المصلحة قبول هذا لتزول الفتن ، ويقع الاشتغال بجهاد الفرنج .
وطال الحديث في ذلك نحو شهرين ، ثم رحل الأشرف يريد مظفر الدين صاحب إربل ، فوصل إلى قرية السلامية ، بالقرب من نهر الزاب ، وكان مظفر الدين نازلا عليه من جانب إربل ، فأعاد الرسل ، وكان العسكر قد طال بيكاره ، والناس قد ضجروا ، وناصر الدين صاحب آمد يميل إلى مظفر الدين ، فأشار بالإجابة إلى ما بذل ، وأعانه عليه غيره ، فوقعت الإجابة إليه ، واصطلحوا على ذلك ، وجعل لتسليمها أجل ، وحمل زنكي إلى يكون عنده رهينة إلى حين تسليم القلاع . الملك الأشرف
وسلمت قلعة العقر ، وقلعة شوش أيضا ، وهما لزنكي ، إلى نواب الأشرف رهنا على تسليم ما استقر من القلاع ، فإذا سلمت أطلق زنكي ، وأعيد عليه قلعة العقر ، وقلعة شوش ، وحلفوا على هذا ، وسلم الأشرف زنكي القلعتين وعاد إلى سنجار ، وكان رحيله عن الموصل ثاني شهر رمضان من سنة سبع عشرة وستمائة ، فأرسلوا إلى القلاع لتسلم إلى نواب بدر الدين ، فلم يسلم إليه غير قلعة جل صورا ، [ ص: 323 ] من أعمال الهكارية ، وأما باقي القلاع فإن جندها أظهروا الامتناع من ذلك ، ومضى الأجل ولم يسلم غير جل صورا .
ولزم عماد الدين زنكي ، وخدمه ، وتقرب إليه ، فاستعطف له أخاه لشهاب الدين غازي ابن الملك العادل ، فمال إليه وأطلقه ، وأزال نوابه من الملك الأشرف قلعة العقر وقلعة شوش ، وسلمهما إليه .
وبلغ بدر الدين عن ميل إلى الملك الأشرف قلعة تل يعفر ، وإنها كانت لسنجار من قديم الزمان وحديثه ، وطال الحديث في ذلك ، فسلمها إليه بدر الدين .