ذكر التتر إلى الري وهمذان وصول
سنة سبع عشرة وستمائة وصل التتر ، لعنهم الله ، إلى الري في طلب خوارزم شاه محمد ، لأنهم بلغهم أنه مضى منهزما منهم نحو الري ، فجدوا السير في أثره ، وقد انضاف إليهم كثير من عساكر المسلمين والكفار ، وكذلك أيضا من المفسدين من يريد النهب والشر ، فوصلوا إلى الري على حين غفلة من أهلها ، فلم يشعروا بهم إلا وقد وصلوا إليها ، وملكوها ، ونهبوها ، وسبوا الحريم ، واسترقوا الأطفال ، وفعلوا الأفعال التي لم يسمع بمثلها ، ولم يقيموا ، ومضوا مسرعين في طلب خوارزم شاه ، فنهبوا في طريقهم كل مدينة وقرية مروا عليها ، وفعلوا في الجميع أضعاف ما فعلوا في الري ، وأحرقوا ، وخربوا ووضعوا السيف في الرجال والنساء والأطفال ، فلم يبقوا على شيء .
وتموا على حالهم إلى همذان ، وكان خوارزم شاه قد وصل إليها في نفر من أصحابه ، ففارقها وكان آخر العهد به ، فلا يدرى ما كان منه فيما حكاه بعضهم عنه ، وقيل غير ذلك ، وقد ذكرناه .
فلما قاربوا همذان خرج رئيسها ومعه الحمل من الأموال والثياب والدواب وغير ذلك ، يطلب الأمان لأهل البلد ، فأمنوهم ، ثم فارقوها وساروا إلى زنجان ففعلوا أضعاف ذلك ، وساروا ووصلوا إلى قزوين ، فاعتصم أهلها منهم بمدينتهم ، فقاتلوه ، وجدوا في قتالهم ، ودخلوها عنوة بالسيف ، فاقتتلوا هم وأهل البلد في باطنه ، حتى صاروا يقتتلون بالسكاكين ، فقتل من الفريقين ما لا يحصى ، ثم فارقوا قزوين ، فعد القتلى من أهل قزوين ، فزادوا على أربعين ألف قتيل .