ذكر التتر إلى أذربيجان وملكهم أردويل وغيرها مسير
لما فرغ التتر من همذان ساروا إلى أذربيجان ، فوصلوا إلى أردويل فملكوها ، وقتلوا فيها وأكثروا ، وخربوا أكثرها ، وساروا منها إلى تبريز ، وكان قد قام بأمرها شمس الدين الطغرائي ، وجمع كلمة أهلها ، وقد فارقها صاحبها أوزبك بن البهلوان ، وكان أميرا متخلفا ، لا يزال منهمكا في الخمر ليلا ونهارا ، يبقى الشهر والشهرين لا يظهر ، وإذا سمع هيعة طار مجفلا لها ، وله جميع أذربيجان وأران ، وهو [ ص: 352 ] أعجز خلق الله عن حفظ البلاد من عدو يريدها ويقصدها .
فلما سمع بمسير التتر من همذان فارق هو تبريز وقصد نقجوان ، وسير أهله ونساءه إلى خوي ليبعد عنهم ، فقام هذا الطغرائي بأمر البلد ، وجمع الكلمة ، وقوى نفوس الناس على الامتناع ، وحذرهم عاقبة التخاذل والتواني ، وحصن البلد بجهده وطاقته ، فلما قاربه التتر ، وسمعوا بما أهل البلد عليه من اجتماع الكلمة على قتالهم ، وأنهم قد حصنوا المدينة ، وأصلحوا أسوارها وخندقها ، أرسلوا يطلبون منهم مالا وثيابا ، فاستقر الأمر بينهم على قدر معلوم من ذلك ، فسيروه إليهم ، فأخذوه ورحلوا إلى مدينة سراو فنهبوها ، وقتلوا كل من فيها .
ورحلوا منها إلى بيلقان ، من بلاد أران ، فنهبوا كل ما مروا به من البلاد والقرى ، وخربوا ، وقتلوا من ظفروا به من أهلها ، فلما وصلوا إلى بيلقان حصروها ، فاستدعى أهلها منهم رسولا يقرون معه الصلح ، فأرسلوا إليهم رسولا من أكابرهم ومقدميهم ، فقتله أهل البلد ، فزحف التتر إليهم وقاتلوهم ، ثم إنهم ملكوا البلد عنوة في شهر رمضان سنة ثماني عشرة وستمائة ووضعوا فيهم السيف ، فلم يبقوا على صغير ولا كبير ، ولا امرأة ، حتى إنهم كانوا يشقون بطون الحبالى ، ويقتلون الأجنة ، وكانوا يفجرون بالمرأة ثم يقتلونها ، وكان الإنسان منهم يدخل الدرب فيه الجماعة ، فيقتلهم واحدا بعد واحد حتى يفرغ من الجميع لا يمد أحد منهم إليه يدا .
فلما فرغوا منها استقصوا ما حولها بالنهب والتخريب ، وساروا إلى مدينة كنجة ، وهي أم بلاد أران ، فعلموا بكثرة أهلها وشجاعتهم لكثرة ذريتهم بقتال الكرج ، وحصانتها ، فلم يقدموا عليها ، فأرسلوا إلى أهلها يطلبون منهم المال والثياب ، فحملوا إليهم ما طلبوا ، فساروا عنهم .