ذكر كرمان على جلال الدين ومسيره إليها . عصيان
في هذه السنة في جمادى الآخرة ، وصل الخبر إلى جلال الدين أن نائبه بكرمان ، وهو أمير كبير اسمه بلاق حاجب ، قد عصى عليه ، وطمع في البلاد أن يتملكها ويستبد بها لبعد جلال الدين عنها ، واشتغاله بما ذكرناه من الكرج وغيرهم ، وأنه أرسل إلى التتر يعرفهم قوة جلال الدين وملكه كثيرا من البلاد ، وإن أخذ الباقي عظمت مملكته ، وكثرت عساكره ، وأخذ ما بأيديكم من البلاد .
فلما سمع جلال الدين ذلك كان قد سار يريد خلاط ، فتركها وسار إلى كرمان [ يطوي المراحل ، وأرسل بين يديه رسولا إلى صاحب كرمان ] ، ومعه الخلع ليطمئن [ ص: 412 ] ويأتيه وهو غير محتاط ولا مستعد للامتناع منه ، فلما وصل الرسول علم أن ذلك مكيدة عليه لما يعرفه من عادته ، فأخذ ما يعز عليه وصعد إلى قلعة منيعة فتحصن بها ، وجعل من يثق به من أصحابه في الحصون يمتنعون بها ، وأرسل إلى جلال الدين يقول : إنني أنا العبد والمملوك ، ولما سمعت بمسيرك إلى هذه البلاد ، أخليتها لك لأنها بلادك ، ولو علمت أنك تبقي علي ، لحضرت بابك ، ولكني أخاف هذا جميعه ، والرسول يحلف ( له ) أن جلال الدين بتفليس ، وهو لا يلتفت إلى قوله ، فعاد الرسول ، فعلم جلال الدين أنه لا يمكنه أخذ ما بيده من الحصون ; لأنه يحتاج [ أن ] يحصرها مدة طويلة ، فوقف بالقرب من أصفهان ، وأرسل إليه الخلع ، وأقره على ولايته .
فبينما الرسل تتردد إذ وصل رسول من وزير جلال الدين إليه من تفليس ، يعرفه أن عسكر الملك الأشرف الذي بخلاط قد هزموا بعض عسكره وأوقعوا بهم ، ويحثه على العود إلى تفليس ، فعاد إليها مسرعا .