ذكر كيقباذ أرزنكان . ملك
وفي هذه السنة ملك ، وهو صاحب علاء الدين كيقباذ بن كيخسرو بن قلج أرسلان قونية ، وأقصرا ، وملطية ، وغيرها من بلاد الروم ، أرزنكان . وسبب ملكه إياها أن صاحبها بهرام شاه كان قد طال ملكه لها ، وجاوز ستين سنة ، توفي ولم يزل في طاعة قلج أرسلان وأولاده بعده ، فلما توفي ملك بعده ولده [ ص: 431 ] علاء الدين داود شاه ، فأرسل إليه كيقباذ يطلب منه عسكرا ليسير معه إلى مدينة أرزن الروم ليحصرها ، ويكون هو مع العسكر ، ففعل ذلك ، وسار في عسكره إليه ، فلما وصل قبض عليه ، وأخذ مدينة أرزنكان منه ، وله حصن من أمنع الحصون اسمه كماخ ، وفيه مستحفظ لداود شاه ، فأرسل إليه ملك الروم يحصره ، فلم يقدر العسكر على القرب منه لعلوه وارتفاعه وامتناعه ، فتهدد داود شاه إن لم يسلم كماخ ، فأرسل إلى نائبه في التسليم ، فسلم القلعة إلى كيقباذ .
وأراد كيقباذ المسير إلى أرزن الروم ليأخذها وبها صاحبها ابن عمه ، فلما سمع صاحبها بذلك أرسل إلى الأمير طغرل شاه بن قلج أرسلان حسام الدين علي ، النائب عن الملك الأشرف بخلاط يستنجده ، وأظهر طاعة الأشرف ، فسار حسام الدين فيمن عنده من العساكر ، وكان قد جمعها من الشام وديار الجزيرة خوفا من ملك الروم ، خافوا أنه إذا ملك أرزن الروم يتعدى ويقصد خلاط ، فسار الحاجب حسام الدين إلى الروم ومنع عنها . ولما سمع كيقباذ بوصول العساكر إليها لم يقدم على قصدها ، فسار من أرزنكان إلى بلاده ، وكان قد أتاه الخبر أن الروم الكفار المجاورين لبلاده قد ملكوا منه حصنا يسمى صنوب ، وهو من أحصن القلاع ، مطل على البحر السياه بحر الخزر ، فلما وصل إلى بلاده ، سير العسكر إليه وحصره برا وبحرا ، فاستعاده من الروم ، وسار إلى أنطاكية ليشتي بها على عادته .