ذكر اليمن خبر ردة
لما توفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعلى مكة وأرضها عتاب بن أسيد ، وعلى عك والأشعريين الطاهر بن أبي هالة ، وعلى الطائف عثمان بن أبي العاص ومالك بن عوف النضري ، وعثمان على المدن ، ومالك على أهل الوبر ، وبصنعاء فيروز وداذويه يسانده ، [ ص: 227 ] ، وعلى وقيس بن مكشوح الجند ، وعلى يعلى بن أمية مأرب أبو موسى ، وكان منهم مع الأسود الكذاب ما ذكرناه . فلما أهلك الله الأسود العنسي بقي طائفة من أصحابه يترددون بين صنعاء ونجران ، لا يأوون إلى أحد . ومات النبي - صلى الله عليه وسلم - على أثر ذلك فارتد الناس ، فكتب عتاب بن أسيد إلى أبي بكر يعرفه خبر من ارتد في عمله ، وبعث عتاب أخاه خالدا إلى أهل تهامة ، وبها جماعة من مدلج وخزاعة وأبناء كنانة .
وأما كنانة عليهم جندب بن سلمى ، فالتقوا بالأبارق ، فقتلهم خالد وفرقهم ، وأفلت جندب بن سلمى وعاد ، وبعث بعثا إلى عثمان بن أبي العاص شنوءة وبها جماعة من الأزد ، وبجيلة ، وخثعم ، وعليهم حميضة بن النعمان ، واستعمل عثمان على السرية عثمان بن أبي ربيعة ، فالتقوا بشنوءة ، فانهزم الكفار وتفرقوا ، وهرب حميضة في البلاد .
وأما الأخابث من العك فكانوا أول منتقض بتهامة بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم تجمع عك والأشعريون ، وأقاموا على الأعلاب ، فسار إليهم الطاهر بن أبي هالة ومعه مسروق وقومه من عك ممن لم يرتد ، فالتقوا على الأعلاب ، فانهزمت عك ومن معهم ، وقتلوا قتلا ذريعا ، وكان ذلك فتحا عظيما . وورد كتاب أبي بكر على الطاهر يأمره بقتالهم ، وسماهم الأخابث ، وسمى طريقهم طريق الأخابث ، فبقي الاسم عليهم إلى الآن .
وأما أهل نجران فلما بلغهم موت النبي - صلى الله عليه وسلم - أرسلوا وفدا ليجددوا عهدهم مع أبي بكر ، فكتب بذلك كتابا .
وأما بجيلة فإن أبا بكر رد ، وأمره أن يستنفر من قومه من ثبت على الإسلام ، ويقاتل بهم من ارتد عن الإسلام ، وأن يأتي جرير بن عبد الله خثعم فيقاتل من خرج غضبا لذي الخلصة ، فخرج جرير وفعل ما أمره ، فلم يقم له أحد إلا نفر يسير ، فقتلهم وتتبعهم .
( حميضة بالحاء المهملة المضمومة ، والضاد المعجمة ) .