ولما انتهى الخبر إلى خالد بمصاب أهل الحصيد وهرب أهل الخنافس - كتب إلى القعقاع وأبي ليلى وأعبد وعروة ، وواعدهم ليلة وساعة يجتمعون فيها إلى المصيخ ، وخرج خالد من العين قاصدا إليهم . فلما كان تلك الساعة من ليلة الموعد اتفقوا جميعا بالمصيخ ، فأغاروا على الهذيل ومن معه وهم نائمون ، من ثلاثة أوجه ، فقتلوهم ، وأفلت الهذيل في ناس قليل وكثر فيهم القتل ، وكان مع الهذيل العزى بن أبي رهم أخو أوس مناة ولبيد بن جرير ، وكانا قد أسلما ومعهما كتاب أبي بكر بإسلامهما ، فقتلا في المعركة ، فبلغ ذلك أبا بكر وقول عبد العزى :
أقول إذ طرق الصباح بغارة سبحانك اللهم رب محمد سبحان ربي لا إله غيره
رب البلاد ورب من يتورد
فوداهما وأوصى بأولادهما ، فكان عمر يعتد بقتلهما وقتل مالك بن نويرة على خالد ، فيقول أبو بكر : كذلك يلقى من نازل أهل الشرك . وقد كان حرقوص بن النعمان بن النمر قد نصحهم فلم يقبلوا منه ، فجلس مع زوجته وأولاده يشربون ، فقال لهم : اشربوا شراب مودع ، هذا خالد بالعين وجنوده بالحصيد ، ثم قال :
ألا سقياني قبل خيل أبي بكر لعل منايانا قريب وما ندري
فضرب رأسه ، فإذا هو في جفنة فيها الخمر ، وقتلوا أولاده وأخذوا بناته .
وقيل : إن قتل حرقوص ، وهذه الوقعة ، ووقعة الثني - كان في مسير من [ ص: 245 ] خالد بن الوليد العراق إلى الشام ، وسيذكر إن شاء الله - تعالى - .