ذكر همذان والماهين وغيرهما فتح
لما انهزم المشركون دخل من سلم منهم همذان وحاصرهم نعيم بن مقرن [ ص: 400 ] والقعقاع بن عمرو . فلما رأى ذلك خسروشنوم استأمنهم وقبل منهم الجزية على أن يضمن منهم همذان ودستبى وألا يؤتى المسلمون منهم ، فأجابوه إلى ذلك وآمنوه ومن معه من الفرس ، وأقبل كل من كان هرب ، وبلغ الخبر الماهين بفتح همذان وملكها ونزول نعيم والقعقاع بها ، فاقتدوا بخسروشنوم فراسلوا حذيفة فأجابهم إلى ما طلبوا وأجمعوا على القبول وأجمعوا على إتيان حذيفة ، فخدعهم دينار وهو أحد أولئك الملوك ، وكان أشرفهم قارن ، وقال : لا تلقوهم في جمالكم ، ففعلوا ، وخالفهم فأتاهم في الديباج والحلي فأعطاهم حاجتهم ، واحتمل المسلمون ما أرادوا وعاقدوه عليهم ، ولم يجد الآخرون بدا من متابعته والدخول في أمره ، فقيل " ماه دينار " لذلك . وكان قد عاقد النعمان بن مقرن بهراذان على مثل ذلك فنسب إلى بهراذان ، وكان قد وكل النسير بن ثور بقلعة قد لجأ إليها قوم فجاهدهم فافتتحها فنسبت إلى النسير وهو تصغير نسر .
قيل : دخل دينار الكوفة أيام معاوية فقال : يا أهل الكوفة إنكم أول ما مررتم بنا كنتم خيار الناس ، فبقيتم كذلك زمن عمر وعثمان ، ثم تغيرتم وفشت فيكم خصال أربع : بخل ، وخب ، وغدر ، وضيق ، ولم يكن فيكم واحدة منهن ، وقد رمقتكم فرأيت ذلك في مولديكم فعلمت من أين أتيتم ، فإذا الخب من قبل النبط ، والبخل من قبل فارس ، والغدر من قبل خراسان ، والضيق من قبل الأهواز .