ذكر فتح أصبهان
وفيها بعث عمر إليها عبد الله بن عبد الله بن عتبان ، وكان شجاعا من أشراف الصحابة ومن وجوه الأنصار حليفا لبني الحبلي ، وأمده بأبي موسى ، وجعل على مجنبتيه عبد الله بن ورقاء الرياحي وعصمة بن عبد الله ، فساروا إلى نهاوند ، ورجع حذيفة إلى عمله على ما سقت دجلة وما وراءها ، وسار عبد الله فيمن كان معه ومن تبعه من جند النعمان بنهاوند نحو أصبهان ، وعلى جندها الأسبيدان ، وعلى مقدمته شهريار بن جاذويه ، شيخ كبير ، في جمع عظيم ، ومقدمة المشركين برستاق لأصبهان ، فاقتتلوا قتالا شديدا ، ودعا الشيخ إلى البراز ، فبرز له عبد الله بن ورقاء الرياحي فقتله ، وانهزم أهل أصبهان ، فسمي ذلك الرستاق رستاق الشيخ إلى اليوم ، وصالحهم الأسبيدان على رستاق الشيخ ، وهو أول رستاق أخذ من أصبهان .
ثم سار عبد الله إلى مدينة جي وهي مدينة أصبهان ، فانتهى إليها والملك بأصبهان الفاذوسفان ، فنزل بالناس على جي وحاصرها وقاتلها ، ثم صالحه الفاذوسفان على أصبهان وأن على من أقام الجزية وأقام على ماله وأن يجري من أخذت أرضه عنوة مجراهم ومن أبى وذهب كان لكم أرضه ، وقدم أبو موسى على عبد الله من ناحية [ ص: 402 ] الأهواز وقد صالح ، فخرج القوم من جي ودخلوا في الذمة إلا ثلاثين رجلا من أهل أصبهان لحقوا بكرمان . ودخل عبد الله وأبو موسى جيا ، وكتب بذلك إلى عمر . فقدم كتاب عمر إلى عبد الله : أن سر حتى تقدم على سهيل بن عدي فتكون معه على قتال من بكرمان ، فسار واستخلف على أصبهان السائب بن الأقرع ، ولحق بسهيل قبل أن يصل إلى كرمان .
قيل : وقد روي عن أن الأمير كان على الجند الذين فتحوا معقل بن يسار أصبهان ، وأن النعمان بن مقرن عمر أرسله من المدينة إلى أصبهان وكتب إلى أهل الكوفة أن يمدوه ، فسار إلى أصبهان وبها ملكها ذو الحاجبين ، فأرسل إليه وعاد من عنده فقاتلهم ، وقتل المغيرة بن شعبة النعمان ووقع ذو الحاجبين عن دابته فانشقت بطنه وانهزم أصحابه . قال معقل : فأتيت النعمان وهو صريع فجعلت عليه علما . فلما انهزم المشركون أتيته ، ومعي إداوة فيها ماء ، فغسلت عن وجهه التراب فقال : ما فعل الناس ؟ فقلت : فتح الله عليهم . قال : الحمد لله ! ومات .
هكذا في هذه الرواية ، والصحيح أن النعمان قتل بنهاوند وافتتح أبو موسى قم وقاشان .