ذكر وولاية ابنه مروان بن الحكم عبد الملك موت
في شهر رمضان من هذه السنة مات . مروان بن الحكم
وكان سبب موته أن لما حضرته الوفاة لم يستخلف أحدا ، وكان معاوية بن يزيد حسان بن بحدل يريد أن يجعل الأمر من بعده في أخيه خالد بن يزيد ، وكان صغيرا ، وحسان خال أبيه يزيد ، فبايع حسان وهو يريد أن يجعل الأمر بعده مروان بن الحكم لخالد ، فلما بايعه هو وأهل الشام قيل لمروان تزوج أم خالد ، وهي بنت أبي هاشم بن عتبة ، حتى يصغر شأنه فلا يطلب الخلافة ، فتزوجها ، فدخل خالد يوما على مروان وعنده جماعة وهو يمشي بين صفين ، فقال مروان : والله إنك لأحمق ! تعال يا ابن الرطبة الاست ! يقصر به ليسقطه من أعين أهل الشام .
فرجع خالد إلى أمه فأخبرها ، فقالت له : لا يعلمن ذلك منك إلا أنا ، أنا أكفيكه . فدخل عليها مروان فقال لها : هل قال لك خالد في شيئا ؟ قالت : لا ، إنه أشد لك تعظيما من أن يقول فيك شيئا . فصدقها ومكث أياما ، ثم إن مروان نام عندها يوما ، فغطته بوسادة حتى قتلته ، فمات بدمشق وهو ابن ثلاث وستين سنة ، وقيل : إحدى وستين .
وأراد عبد الملك قتل أم خالد ، فقيل له : يظهر عند الخلق أن امرأة قتلت أباك ، فتركها .
[ ص: 275 ] ولما توفي مروان قام ( بأمر الشام ) بعده ابنه عبد الملك ، ( وكان بمصر ابنه عبد العزيز بطاعة أخيه عبد الملك .
وكان عبد الملك ) ولد لسبعة أشهر ، فكان الناس يذمونه لذلك ، قيل : إنه اجتمع عنده قوم من الأشراف ، فقال لعبيد الله بن زياد بن ظبيان البكري : بلغني أنك لا تشبه أباك ، فقال : بلى والله إني لأشبه به من الماء بالماء والغراب بالغراب ، ولكن إن شئت أخبرتك بمن لم تنضجه الأرحام ، ولم يولد بالتمام ، ولم يشبه الأخوال والأعمام .
قال : من ذلك ؟ قال : سويد بن منجوف ، فلما خرج عبيد الله وسويد قال له سويد : ما سرني بمقالتك له حمر النعم .
فقال عبيد الله : وما سرني والله باحتمالك إياي وسكوتك سودها .