فصل في قضائه صلى الله عليه وسلم في تحريم وطء المرأة الحبلى من غير الواطئ  
ثبت في " صحيح  مسلم   " : من حديث  أبي الدرداء  رضي الله عنه ( أن  [ ص: 141 ] النبي صلى الله عليه وسلم أتى بامرأة مجح على باب فسطاط ، فقال : " لعله يريد أن يلم بها " . فقالوا : نعم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لقد هممت أن ألعنه لعنا يدخل معه قبره كيف يورثه ، وهو لا يحل له ، كيف يستخدمه وهو لا يحل له  ) . 
قال  أبو محمد ابن حزم   : لا يصح في تحريم وطء الحامل  خبر غير هذا . انتهى وقد روى أهل " السنن " من حديث أبي سعيد  رضي الله عنه ( أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في سبايا أوطاس   : " لا توطأ حامل حتى تضع ولا غير حامل حتى تحيض حيضة  ) . 
وفي  الترمذي  وغيره من حديث  رويفع بن ثابت  رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يسق ماءه ولد غيره  ) قال  الترمذي   : حديث حسن . 
وفيه عن  العرباض بن سارية  رضي الله عنه ، أن النبي صلى الله عليه وسلم : ( حرم وطء السبايا  حتى يضعن ما في بطونهن  ) . 
وقوله صلى الله عليه وسلم : ( كيف يورثه وهو لا يحل له كيف يستخدمه وهو لا يحل له  ) كان شيخنا يقول في معناه : كيف يجعله عبدا موروثا عنه ويستخدمه استخدام العبيد وهو ولده ؛ لأن وطأه زاد في خلقه ؟ قال  الإمام أحمد   : الوطء يزيد في سمعه وبصره . قال : فيمن اشترى جارية حاملا من غيره فوطئها قبل وضعها ، فإن الولد لا يلحق بالمشتري ولا يتبعه ، لكن يعتقه لأنه قد شرك فيه لأن الماء يزيد في  [ ص: 142 ] الولد وقد روي عن  أبي الدرداء  رضي الله عنه عن ( النبي صلى الله عليه وسلم مر بامرأة مجح على باب فسطاط ، فقال : " لعله يريد أن يلم بها  ) وذكر الحديث . يعني : أنه إن استلحقه وشركه في ميراثه ، لم يحل له ؛ لأنه ليس بولده ، وإن أخذه مملوكا يستخدمه لم يحل له لأنه قد شرك فيه لكون الماء يزيد في الولد . 
وفي هذا دلالة ظاهرة على تحريم نكاح الحامل  سواء كان حملها من زوج أو سيد أو شبهة أو زنى ، وهذا لا خلاف فيه إلا فيما إذا كان الحمل من زنى ، ففي صحة العقد قولان : أحدهما : بطلانه وهو مذهب أحمد  ، ومالك   . والثاني : صحته وهو مذهب  أبي حنيفة   والشافعي  ثم اختلفا فمنع  أبو حنيفة  من الوطء حتى تنقضي العدة وكرهه الشافعي ، وقال أصحابه لا يحرم . 
				
						
						
