فصل 
وأما هديه - صلى الله عليه وسلم - في التسليم من صلاة الجنازة  ، فروي عنه : أنه كان يسلم واحدة . وروي عنه : أنه كان يسلم تسليمتين . 
فروى  البيهقي  وغيره من حديث المقبري  ، عن  أبي هريرة  أن النبي صلى الله عليه وسلم ( صلى على جنازة فكبر أربعا وسلم تسليمة واحدة  ) . لكن قال  الإمام أحمد  في رواية الأثرم   : هذا الحديث عندي موضوع ، ذكره الخلال  في " العلل " . 
 [ ص: 491 ] وقال إبراهيم الهجري   : حدثنا  عبد الله بن أبي أوفى   : أنه صلى على جنازة ابنته ، فكبر أربعا ، فمكث ساعة حتى ظننا أنه يكبر خمسا ، ثم سلم عن يمينه وعن شماله ، فلما انصرف قلنا له ما هذا ؟ فقال : ( إني لا أزيدكم على ما رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصنع ، أو هكذا صنع رسول الله صلى الله عليه وسلم )  . 
قال  ابن مسعود   : ( ثلاث خلال كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يفعلهن تركهن الناس ، إحداهن : التسليم على الجنازة مثل التسليم في الصلاة  ) ذكرهما  البيهقي   . ولكن إبراهيم بن مسلم العبدي الهجري  ضعفه  يحيى بن معين  ،  والنسائي  وأبو حاتم  ، وحديثه هذا قد رواه  الشافعي  في كتاب حرملة  عن سفيان  عنه ، وقال : كبر عليها أربعا ، ثم قام ساعة ، فسبح به القوم فسلم ، ثم قال : كنتم ترون أن أزيد على أربع وقد رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كبر أربعا ، ولم يقل : ثم سلم عن يمينه وشماله . ورواه  ابن ماجه  من حديث المحاربي  عنه كذلك ، ولم يقل ثم سلم عن يمينه وشماله . 
وذكر السلام عن يمينه وعن شماله انفرد بها شريك  عنه . قال  البيهقي   : ثم عزاه للنبي - صلى الله عليه وسلم - في التكبير فقط ، أو في التكبير وغيره . 
قلت : والمعروف عن  ابن أبي أوفى  خلاف ذلك ، أنه كان يسلم واحدة ، ذكره  الإمام أحمد  عنه . قال  أحمد بن القاسم  ، قيل لأبي عبد الله  أتعرف عن أحد  [ ص: 492 ] من الصحابة أنه كان يسلم على الجنازة تسليمتين ؟ قال : لا ولكن عن ستة من الصحابة أنهم كانوا يسلمون تسليمة واحدة خفيفة عن يمينه ، فذكر  ابن عمر   وابن عباس   وأبا هريرة  ،  وواثلة بن الأسقع  ،  وابن أبي أوفى  ،  وزيد بن ثابت   . وزاد  البيهقي   :  علي بن أبي طالب  ،  وجابر بن عبد الله  ،  وأنس بن مالك  ،  وأبا أمامة بن سهل بن حنيف  ، فهؤلاء عشرة من الصحابة . وأبو أمامة  أدرك النبي - صلى الله عليه وسلم - وسماه باسم جده لأمه أبي أمامة   :  أسعد بن زرارة  ، وهو معدود في الصحابة ، ومن كبار التابعين . 
وأما رفع اليدين ، فقال  الشافعي   : ترفع للأثر ، والقياس على السنة في الصلاة ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم ( كان يرفع يديه في كل تكبيرة كبرها في الصلاة وهو قائم  ) . 
قلت : يريد بالأثر ما رواه عن  ابن عمر  ،  وأنس بن مالك  ، أنهما كانا يرفعان أيديهما كلما كبرا على الجنازة ، ويذكر عنه صلى الله عليه وسلم أنه ( كان يرفع يديه في أول التكبير ويضع اليمنى على اليسرى  ) ، ذكره  البيهقي  في السنن . 
وفي  الترمذي  من حديث  أبي هريرة  أن النبي - صلى الله عليه وسلم - ( وضع يده اليمنى على يده اليسرى في صلاة الجنازة  ) ، وهو ضعيف  بيزيد بن سنان الرهاوي   . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					