مسألة : شخص من أبناء العرب يلبس الفروج ، والزنط الأحمر ، وعمامة العرب ، اشتغل بالعلم وفضل وخالط الفقهاء فأمره آمر أن يلبس لباس الفقهاء ؛ لأن في ذلك خرما لمروءته ، فهل الأولى له ذلك أو الاستمرار على هيئة عشيرته ؟ ؟ وما جنس ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يلبس تحت عمامته ؟ وما مقدار عمامته ؟ . وهل لبس أحد من الصحابة في عهده صلى الله عليه وسلم الزنط والفروج
الجواب : لا إنكار عليه في لباسه ذلك ولا خرم لمروءته ؛ لأن ذلك لباس عشيرته وطائفته ، ولو غيره أيضا إلى لباس الفقهاء لم يخرم مروءته ، فكل حسن ، ذاك لمناسبته أهل جنسه وهذا لمناسبة أهل وصفه ، وقد ذكر في توثيق عرى الإيمان له أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يلبس القلانس تحت العمائم ويلبس القلانس بغير عمائم ، ويلبس العمائم بغير قلانس ، ويلبس القلانس ذوات الآذان في الحروب ، وكثيرا ما كان يعتم بالعمائم الحرقانية السود في أسفاره ويعتجر اعتجارا قال : والاعتجار أن يضع تحت العمامة على الرأس شيئا قال : وربما لم تكن العمامة فيشد العصابة على رأسه وجبهته ، وكانت له عمامة يعتم بها يقال لها السحاب فكساها البارزي فكان ربما طلع علي بن أبي طالب علي فيقول صلى الله عليه وسلم : ( أتاكم علي في السحاب ) يعني عمامته التي وهب له - هذا ما ذكره ، وروى البارزي في شعب الإيمان عن ركانة قال : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : ( البيهقي ) قال فرق ما بيننا وبين المشركين العمائم على القلانس القزاز : القلنسوة غشاء مبطن يستر به الرأس ، وروى أيضا عن البيهقي ابن عمر ، دل مجموع ما ذكر على أن أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يلبس قلنسوة بيضاء هو القلنسوة ، ودل قوله بيضاء على أنه لم يكن من الزنوط الحمر ، وأشبه شيء أنها من جنس الثياب القطن أو الصوف الذي هو من جنس الجباب والكساء لا الذي من جنس الزنوط ، ويوضح ذلك ما رويناه في سداسيات الذي كان يلبسه النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة تحت العمامة الرازي من طريق رستم أبي يزيد الطحان قال : رأيت أنس بن مالك بالبصرة وعليه قلنسوة بيضاء مضرية ، وفي السداسيات أيضا من طريق أم نهار قالت : كان يمر بنا كل جمعة [ ص: 84 ] وعليه قلنسوة لاطئة - ومعنى لاطئة - أي لاصقة بالرأس إشارة إلى قصرها ، وإنما حدثت القلانس الطوال في أيام الخليفة المنصور في سنة ثلاث وخمسين ومائة أو نحوها ، وفي ذلك يقول الشاعر : أنس بن مالك
وكنا نرجي من إمام زيادة فزاد الإمام المصطفى في القلانس
وأما مقدار العمامة الشريفة فلم يثبت في حديث ، وقد روى في شعب الإيمان البيهقي عن أبي عبد السلام قال : ( سألت كيف كان النبي صلى الله عليه وسلم يعتم ؟ قال : كان يدير العمامة على رأسه ويغرزها من ورائه ويرسل لها ذؤابة بين كتفيه ) ابن عمر ، وهذا يدل على أنها عدة أذرع ، والظاهر أنها كانت نحو العشرة أو فوقها بيسير ، وأما الفروج فقد صح أنه صلى الله عليه وسلم لبسه - رواه عن البخاري قال : ( عقبة بن عامر ) ، قال العلماء : الفروج هو القباء المفرج من خلف ، وهذا الحديث أصل في لبس الخلفاء له ، وإنما نزعه صلى الله عليه وسلم لكونه كان حريرا ، وكان لبسه له قبل تحريم الحرير فنزعه لما حرم ، وفي صحيح أهدي للنبي صلى الله عليه وسلم فروج حرير ، فلبسه فصلى فيه ثم انصرف فنزعه نزعا شديدا كالكاره له ، وقال : لا ينبغي هذا للمتقين أنه قال حين نزعه : أنهاني عنه مسلم جبريل .