[ ص: 83 ] باب اللباس
مسألة : شخص من أبناء العرب يلبس الفروج ، والزنط الأحمر ، وعمامة العرب ، اشتغل بالعلم وفضل وخالط الفقهاء فأمره آمر أن يلبس لباس الفقهاء ؛ لأن في ذلك خرما لمروءته ، فهل الأولى له ذلك أو الاستمرار على هيئة عشيرته ؟
nindex.php?page=treesubj&link=31097وما جنس ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يلبس تحت عمامته ؟ وما مقدار عمامته ؟
nindex.php?page=treesubj&link=27417وهل لبس أحد من الصحابة في عهده صلى الله عليه وسلم الزنط والفروج ؟ .
الجواب : لا إنكار عليه في لباسه ذلك ولا خرم لمروءته ؛ لأن ذلك لباس عشيرته وطائفته ، ولو غيره أيضا إلى لباس الفقهاء لم يخرم مروءته ، فكل حسن ، ذاك لمناسبته أهل جنسه وهذا لمناسبة أهل وصفه ، وقد ذكر
nindex.php?page=showalam&ids=13802البارزي في توثيق عرى الإيمان له أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يلبس القلانس تحت العمائم ويلبس القلانس بغير عمائم ، ويلبس العمائم بغير قلانس ، ويلبس القلانس ذوات الآذان في الحروب ، وكثيرا ما كان يعتم بالعمائم الحرقانية السود في أسفاره ويعتجر اعتجارا قال : والاعتجار أن يضع تحت العمامة على الرأس شيئا قال : وربما لم تكن العمامة فيشد العصابة على رأسه وجبهته ، وكانت له عمامة يعتم بها يقال لها السحاب فكساها
nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب فكان ربما طلع
علي فيقول صلى الله عليه وسلم : (
أتاكم علي في السحاب ) يعني عمامته التي وهب له - هذا ما ذكره
nindex.php?page=showalam&ids=13802البارزي ، وروى
nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي في شعب الإيمان عن ركانة قال : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=16004923فرق ما بيننا وبين المشركين العمائم على القلانس ) قال
القزاز : القلنسوة غشاء مبطن يستر به الرأس ، وروى
nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي أيضا عن
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر nindex.php?page=hadith&LINKID=16004924أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يلبس قلنسوة بيضاء ، دل مجموع ما ذكر على أن
nindex.php?page=treesubj&link=31097_17714الذي كان يلبسه النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة تحت العمامة هو القلنسوة ، ودل قوله بيضاء على أنه لم يكن من الزنوط الحمر ، وأشبه شيء أنها من جنس الثياب القطن أو الصوف الذي هو من جنس الجباب والكساء لا الذي من جنس الزنوط ، ويوضح ذلك ما رويناه في سداسيات
الرازي من طريق
رستم أبي يزيد الطحان قال : رأيت
nindex.php?page=showalam&ids=9أنس بن مالك بالبصرة وعليه قلنسوة بيضاء مضرية ، وفي السداسيات أيضا من طريق
أم نهار قالت : كان
nindex.php?page=showalam&ids=9أنس بن مالك يمر بنا كل جمعة
[ ص: 84 ] وعليه قلنسوة لاطئة - ومعنى لاطئة - أي لاصقة بالرأس إشارة إلى قصرها ، وإنما حدثت القلانس الطوال في أيام الخليفة المنصور في سنة ثلاث وخمسين ومائة أو نحوها ، وفي ذلك يقول الشاعر :
وكنا نرجي من إمام زيادة فزاد الإمام المصطفى في القلانس
وأما مقدار العمامة الشريفة فلم يثبت في حديث ، وقد روى
nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي في شعب الإيمان
عن أبي عبد السلام قال : ( سألت nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر كيف كان النبي صلى الله عليه وسلم يعتم ؟ قال : كان يدير العمامة على رأسه ويغرزها من ورائه ويرسل لها ذؤابة بين كتفيه ) ، وهذا يدل على أنها عدة أذرع ، والظاهر أنها كانت نحو العشرة أو فوقها بيسير ، وأما الفروج فقد صح أنه صلى الله عليه وسلم لبسه - رواه
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري عن
nindex.php?page=showalam&ids=27عقبة بن عامر قال : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=16004926أهدي للنبي صلى الله عليه وسلم فروج حرير ، فلبسه فصلى فيه ثم انصرف فنزعه نزعا شديدا كالكاره له ، وقال : لا ينبغي هذا للمتقين ) ، قال العلماء : الفروج هو القباء المفرج من خلف ، وهذا الحديث أصل في لبس الخلفاء له ، وإنما نزعه صلى الله عليه وسلم لكونه كان حريرا ، وكان لبسه له قبل تحريم الحرير فنزعه لما حرم ، وفي صحيح
nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم أنه قال حين نزعه : أنهاني عنه
جبريل .
[ ص: 83 ] بَابُ اللِّبَاسِ
مَسْأَلَةٌ : شَخْصٌ مِنْ أَبْنَاءِ الْعَرَبِ يَلْبَسُ الْفَرُّوجَ ، وَالزُّنْطَ الْأَحْمَرَ ، وَعِمَامَةَ الْعَرَبِ ، اشْتَغَلَ بِالْعِلْمِ وَفَضُلَ وَخَالَطَ الْفُقَهَاءَ فَأَمَرَهُ آمِرٌ أَنْ يَلْبَسَ لِبَاسَ الْفُقَهَاءِ ؛ لِأَنَّ فِي ذَلِكَ خَرْمًا لِمُرُوءَتِهِ ، فَهَلِ الْأَوْلَى لَهُ ذَلِكَ أَوِ الِاسْتِمْرَارُ عَلَى هَيْئَةِ عَشِيرَتِهِ ؟
nindex.php?page=treesubj&link=31097وَمَا جِنْسُ مَا كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَلْبَسُ تَحْتَ عِمَامَتِهِ ؟ وَمَا مِقْدَارُ عِمَامَتِهِ ؟
nindex.php?page=treesubj&link=27417وَهَلْ لَبِسَ أَحَدٌ مِنَ الصَّحَابَةِ فِي عَهْدِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الزُّنْطَ وَالْفَرُّوجَ ؟ .
الْجَوَابُ : لَا إِنْكَارَ عَلَيْهِ فِي لِبَاسِهِ ذَلِكَ وَلَا خَرْمَ لِمُرُوءَتِهِ ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لِبَاسُ عَشِيرَتِهِ وَطَائِفَتِهِ ، وَلَوْ غَيَّرَهُ أَيْضًا إِلَى لِبَاسِ الْفُقَهَاءِ لَمْ يَخْرِمْ مُرُوءَتَهُ ، فَكُلٌّ حَسَنٌ ، ذَاكَ لِمُنَاسَبَتِهِ أَهْلَ جِنْسِهِ وَهَذَا لِمُنَاسَبَةِ أَهْلِ وَصْفِهِ ، وَقَدْ ذَكَرَ
nindex.php?page=showalam&ids=13802الْبَارِزِيُّ فِي تَوْثِيقِ عُرَى الْإِيمَانِ لَهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَلْبَسُ الْقَلَانِسَ تَحْتَ الْعَمَائِمِ وَيَلْبَسُ الْقَلَانِسَ بِغَيْرِ عَمَائِمَ ، وَيَلْبَسُ الْعَمَائِمَ بِغَيْرِ قَلَانِسَ ، وَيَلْبَسُ الْقَلَانِسَ ذَوَاتِ الْآذَانِ فِي الْحُرُوبِ ، وَكَثِيرًا مَا كَانَ يَعْتَمُّ بِالْعَمَائِمِ الْحَرْقَانِيَّةِ السُّودِ فِي أَسْفَارِهِ وَيَعْتَجِرُ اعْتِجَارًا قَالَ : وَالِاعْتِجَارُ أَنْ يَضَعَ تَحْتَ الْعِمَامَةِ عَلَى الرَّأْسِ شَيْئًا قَالَ : وَرُبَّمَا لَمْ تَكُنِ الْعِمَامَةُ فَيَشُدُّ الْعِصَابَةَ عَلَى رَأْسِهِ وَجَبْهَتِهِ ، وَكَانَتْ لَهُ عِمَامَةٌ يَعْتَمُّ بِهَا يُقَالُ لَهَا السَّحَابُ فَكَسَاهَا
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ فَكَانَ رُبَّمَا طَلَعَ
علي فَيَقُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (
أَتَاكُمْ علي فِي السَّحَابِ ) يَعْنِي عِمَامَتَهُ الَّتِي وَهَبَ لَهُ - هَذَا مَا ذَكَرَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=13802الْبَارِزِيُّ ، وَرَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=13933الْبَيْهَقِيُّ فِي شُعَبِ الْإِيمَانِ عَنْ رُكَانَةَ قَالَ : سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=16004923فَرْقُ مَا بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْمُشْرِكِينَ الْعَمَائِمُ عَلَى الْقَلَانِسِ ) قَالَ
القزاز : الْقَلَنْسُوَةُ غِشَاءٌ مُبَطَّنٌ يُسْتَرُ بِهِ الرَّأْسُ ، وَرَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=13933الْبَيْهَقِيُّ أَيْضًا عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=12ابْنِ عُمَرَ nindex.php?page=hadith&LINKID=16004924أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَلْبَسُ قَلَنْسُوَةً بَيْضَاءَ ، دَلَّ مَجْمُوعُ مَا ذُكِرَ عَلَى أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=31097_17714الَّذِي كَانَ يَلْبَسُهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالصَّحَابَةُ تَحْتَ الْعِمَامَةِ هُوَ الْقَلَنْسُوَةُ ، وَدَلَّ قَوْلُهُ بَيْضَاءَ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مِنَ الزُّنُوطِ الْحُمْرِ ، وَأَشْبَهُ شَيْءٍ أَنَّهَا مِنْ جِنْسِ الثِّيَابِ الْقُطْنِ أَوِ الصُّوفِ الَّذِي هُوَ مِنْ جِنْسِ الْجِبَابِ وَالْكِسَاءِ لَا الَّذِي مِنْ جِنْسِ الزُّنُوطِ ، وَيُوَضِّحُ ذَلِكَ مَا رَوَيْنَاهُ فِي سُدَاسِيَّاتِ
الرازي مِنْ طَرِيقِ
رستم أبي يزيد الطحان قَالَ : رَأَيْتُ
nindex.php?page=showalam&ids=9أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ بِالْبَصْرَةِ وَعَلَيْهِ قَلَنْسُوَةٌ بَيْضَاءُ مُضَرِيَّةٌ ، وَفِي السُّدَاسِيَّاتِ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ
أم نهار قَالَتْ : كَانَ
nindex.php?page=showalam&ids=9أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ يَمُرُّ بِنَا كُلَّ جُمُعَةٍ
[ ص: 84 ] وَعَلَيْهِ قَلَنْسُوَةٌ لَاطِئَةٌ - وَمَعْنَى لَاطِئَةٍ - أَيْ لَاصِقَةٍ بِالرَّأْسِ إِشَارَةً إِلَى قِصَرِهَا ، وَإِنَّمَا حَدَثَتِ الْقَلَانِسُ الطِّوَالُ فِي أَيَّامِ الْخَلِيفَةِ الْمَنْصُورِ فِي سَنَةِ ثَلَاثٍ وَخَمْسِينَ وَمِائَةٍ أَوْ نَحْوِهَا ، وَفِي ذَلِكَ يَقُولُ الشَّاعِرُ :
وَكُنَّا نُرَجِّي مِنْ إِمَامٍ زِيَادَةً فَزَادَ الْإِمَامُ الْمُصْطَفَى فِي الْقَلَانِسِ
وَأَمَّا مِقْدَارُ الْعِمَامَةِ الشَّرِيفَةِ فَلَمْ يَثْبُتْ فِي حَدِيثٍ ، وَقَدْ رَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=13933الْبَيْهَقِيُّ فِي شُعَبِ الْإِيمَانِ
عَنْ أبي عبد السلام قَالَ : ( سَأَلْتُ nindex.php?page=showalam&ids=12ابْنَ عُمَرَ كَيْفَ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعْتَمُّ ؟ قَالَ : كَانَ يُدِيرُ الْعِمَامَةَ عَلَى رَأْسِهِ وَيَغْرِزُهَا مِنْ وَرَائِهِ وَيُرْسِلُ لَهَا ذُؤَابَةً بَيْنَ كَتِفَيْهِ ) ، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا عِدَّةُ أَذْرُعٍ ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا كَانَتْ نَحْوَ الْعَشَرَةِ أَوْ فَوْقَهَا بِيَسِيرٍ ، وَأَمَّا الْفَرُّوجُ فَقَدْ صَحَّ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَبِسَهُ - رَوَاهُ
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيُّ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=27عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ قَالَ : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=16004926أُهْدِيَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرُّوجُ حَرِيرٍ ، فَلَبِسَهُ فَصَلَّى فِيهِ ثُمَّ انْصَرَفَ فَنَزَعَهُ نَزْعًا شَدِيدًا كَالْكَارِهِ لَهُ ، وَقَالَ : لَا يَنْبَغِي هَذَا لِلْمُتَّقِينَ ) ، قَالَ الْعُلَمَاءُ : الْفَرُّوجُ هُوَ الْقِبَاءُ الْمُفَرَّجُ مِنْ خَلْفٍ ، وَهَذَا الْحَدِيثُ أَصْلٌ فِي لُبْسِ الْخُلَفَاءِ لَهُ ، وَإِنَّمَا نَزَعَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِكَوْنِهِ كَانَ حَرِيرًا ، وَكَانَ لُبْسُهُ لَهُ قَبْلَ تَحْرِيمِ الْحَرِيرِ فَنَزَعَهُ لَمَّا حُرِّمَ ، وَفِي صَحِيحِ
nindex.php?page=showalam&ids=17080مُسْلِمٍ أَنَّهُ قَالَ حِينَ نَزَعَهُ : أَنْهَانِي عَنْهُ
جِبْرِيلُ .