حدثنا سليمان بن أحمد  ، ثنا  أبو يزيد القراطيسي  ، ثنا حجاج بن إبراهيم    . وحدثنا عبد الله بن محمد  ، ثنا محمد بن أبي سهل  ، ثنا عبد الله بن محمد العبسي  ، قالا : ثنا  مروان بن معاوية  ، عن  محمد بن سوقة  ، قال : أتيت نعيم بن أبي هند   [ ص: 238 ] فأخرج إلي صحيفة فإذا فيها : من  أبي عبيدة بن الجراح   ومعاذ بن جبل  إلى  عمر بن الخطاب  ، سلام عليك . أما بعد ، فإنا عهدناك وأمر نفسك لك مهم . فأصبحت قد وليت أمر هذه الأمة ، أحمرها وأسودها ، يجلس بين يديك الشريف والوضيع والعدو والصديق ، ولكل حصته من العدل ، فانظر كيف أنت عند ذلك يا عمر  فإنا نحذرك يوما تعني فيه الوجوه وتجف فيه القلوب وتنقطع فيه الحجج لحجة ملك قهرهم بجبروته . فالخلق داخرون له يرجون رحمته ويخافون عقابه . وإنا كنا نحدث أن أمر هذه الأمة سيرجع في آخر زمانها إلى أن يكونوا إخوان العلانية أعداء السريرة  ، وإنا نعوذ بالله أن ينزل كتابنا إليك سوى المنزل الذي نزل من قلوبنا ، فإنما كتبنا به نصيحة لك ، والسلام عليك . 
فكتب إليهما  عمر بن الخطاب  رضي الله تعالى عنه : من  عمر بن الخطاب  إلى أبي عبيدة  ومعاذ  ، سلام عليكما ، أما بعد ، أتاني كتابكما تذكران أنكما عهدتماني وأمر نفسي لي مهم ، فأصبحت قد وليت أمر هذه الأمة أحمرها وأسودها ، يجلس بين يدي الشريف والوضيع والعدو والصديق ، ولكل حصته من العدل . وكتبتما : فانظر كيف أنت عند ذلك يا عمر  ، وإنه لا حول ولا قوة لعمر  عند ذلك إلا بالله عز وجل . 
وكتبتما تحذراني ما حذرت منه الأمم قبلنا ، وقديما كان اختلاف الليل والنهار بآجال الناس يقربان كل بعيد ، ويبليان كل جديد ، يأتيان بكل موعود ، حتى يصير الناس إلى منازلهم من الجنة والنار ، وكتبتما تحذراني أن أمر هذه الأمة سيرجع في آخر زمانها إلى أن يكونوا إخوان العلانية أعداء السريرة ، ولستم بأولئك وليس هذا بزمان ذلك ، وذلك زمان تظهر فيه الرغبة والرهبة ، تكون رغبة الناس بعضهم إلى بعض لصلاح دنياهم . وكتبتما تعوذاني بالله أن أنزل كتابكما سوى المنزل الذي نزل من قلوبكما ، وأنكما كتبتما به نصيحة لي ، وقد صدقتما ، فلا تدعا الكتاب إلي فإنه لا غنى بي عنكما ، والسلام عليكما   . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					